الحاضرين يعلمون أنّ «الخطّاب» أبا عمر لم يكن له منبر ، بل ولا خَشَبةٌ يصعدُ عليها!
أمّا عمر فقد أحْرجه الموقفُ واضطرّه ـ وهو على المنبر ـ أن يعترفَ : «أنّه لم يكن للخطّاب منبر».
والنتيجة المستلهَمة من هذا الاعتراف أنّ المنبر له أهلٌ يملكونهُ ، وأهلهُ أحقّ بالصعود عليه وتولّي أُموره ، فما الذي ادّى إلى تجاوزهم واستيلاء غيرهم عليه ، واستحواذه على اُموره دونهم؟!
ولكنّ عمر اصطحب الطفلَ ليجري معه عملية «التحقيق» لسوء ظنّه بأنّ وراء الطفل مؤامرةً دَبَّرتْ هذا الموقفَ ، واستغلّتْ طفولة الحسين (عليه السّلام) ، فذهب به إلى منزله وقال له : مَنْ علَّمك؟
مع أنّ الحسين (عليه السّلام) لا يحتاج إلى مَنْ يُعلّمه مثل تلك الحقيقة المكشوفة وهو يعيش في بيت يعرّفه كلّ الحقائق.
وإذا انطلت الأُمور على العامّة من الناس فهناكَ الكثير ممّن يأبى أن يتقنّع بقناع الجهل والعناد والعصبيّة المقيتة ، أو ينكر النهار المضيء!
وبقيّة الحديث مثيرة أيضاً :
فالحسين الذي صارحَ بالحقيقة ، وقام يؤدّي دوره في إعلانها للناس أخذ عمر يُطايبهُ ، فيدعوه إليه بقوله : يا بُني ، لو جعلت تأتينا فتغشانا.
فيأتيه الحسينُ (عليه السّلام) يوماً وقد خلا بمعاوية ـ أميره على الشام ـ في جلسة خاصّة ، ويُمنع الجميعُ من اقتحام الجلسة المغلقة حتّى ابن عمر.
فيأتي الحسينُ (عليه السّلام) ويرجعُ ، فيطالبُه عمر ، وهُنا يعرّفه الحسينُ بأنّه أتاه فوجده خالياً بمعاوية.