رؤوسنا الشعر إلاّ أنتم!] (١).
قال : يا بُنيَّ ، لو جعلت تأتينا وتغشانا» (٢).
والحديث إلى هُنا فيه أكثر من مدلول :
فصعودُ الحسين (عليه السّلام) إلى عمر وهو خليفة على المنبر مُلْفتٌ للأنظار ، ومُذكِّر بعهد الرسول (صلّى الله عليه وآله) حين كان سبطاه الحسنان يتسلّقان هذه الأعواد ، ويزيد الرسول (صلّى الله عليه وآله) في رفعهما على عاتقه أو في حجره.
أمّا بالنسبة إلى الخليفة فلعلّها المرّة الأُولى والأخيرة في ذلك التاريخ أن يصعد طفل إليه ، فضلاً عن أن يقول له تلك المقالة ، إذ لم يسجّل التاريخ مثيلاً لكل ذلك.
وقوله لعمر : «انزل عن منبر أبي»
فليس النزول يعني في المنظار السياسي مدلوله اللغوي الظاهر ، وإنّما هو الانسحاب عن الخلافة التي تَشَطّر هو وصاحبه ضرعيها في السقيفة ، فقدّمها إليه هناك حتّى يرخّصها له اليوم.
و «منبر أبي» فيها الدلالة الواضحة إذا أُريد بها الحقيقة الظاهرة ، فأبوه عليّ (عليه السّلام) هو صاحب المنبر ، لاعتقاد الحسين (عليه السّلام) بخلافة أبيه بلا ريب.
وإن أُريد بها الحقيقة الأُخرى الماضية فأبوه هو النبيّ (صلّى الله عليه وآله) ، فلماذا انتقل المنبرُ الذي أسّسهُ وبنى بُنيانَه إلى غير أهله؟!
وقوله : «اذهَبْ إلى منبر أبيك» فيه الدلالة الفاضحة ، فالحسين (عليه السّلام) وكلّ
____________________
(١) ما بين [المعقوفتين] من مختصر تاريخ دمشق لابن منظور.
(٢) مختصر تاريخ دمشق ـ لابن منظور ٧ / ١٢٧.