انزواء أبيه (عليه السّلام) في البيت طيلة أيّام الزهراء (عليها السّلام) أنّ حقّاً عظيماً قد غُصب منهم.
مضافاً إلى أنّه يجدُ بيتهم الملتصقَ ببيت الرسول (صلّى الله عليه وآله) ، ولا يفصله عنه سوى الحائط ، أمّا بابه فقد فتحهُ الله على المسجد ذاته لمّا أحلّ لأهله من المسجد ما لم يحلّ لأحد بعد أن كان «بيت فاطمة في جوف المسجد» [١٨٢] [١٥٨].
إنّ الحسينَ (عليه السّلام) يجد هذا البيتَ العظيم كئيباً مهجوراً ، خِلْواً من الزحام ومن بعض الاحترام الذي كان يَفيض به أيام جده الرسول (صلّى الله عليه وآله) قطب رحى الإسلام ، وأبوه عليّ (عليه السّلام) يدور في فلكه.
ويجدُ الحسينُ (عليه السّلام) أنّ القومَ يأتمرونَ في مَراح ناءٍ ، حيث الوجوه الجدُد قد احتلّوا كلّ شيّ : الأمر والنهي ، والمحراب والمنبر!
وقد أبرزَ ما تكدّس على قلبه لمّا حضر يوماً إلى المسجد ، ورأى عمر على منبر الإسلام ، فلنسمع الموقف من حديثه :
[١٧٨ ـ ١٨٠] قال (عليه السّلام) : «أتيتُ على عمر بن الخطّاب وهو على المنبر ، فصعدتُ إليه ، فقلتُ له : انزلْ عن منبر أبي واذهبْ إلى منبر أبيك!
فقال عمر : لم يكنْ لأبي منبر.
وأخذني وأجلسني معه ، فجعلتُ أُقلّب حصىً بيدي ، فلمّا نزل انطلق بي إلى منزله ، فقال لي : مَنْ علّمك؟
قلتُ : ما علّمنيه أحدٌ.
[قال : منبر أبيك والله ، منبر أبيك والله ، وهل أنبت على