جالساً ناحيةً ، فقال : «إليّ يابن الأزرق»!
قال [ابن الأزرق] : لستُ إياك أسأل!
قال ابن عبّاس : يابن الأزرق ، إنّه من أهل بيت النبوّة ، وهم ورثة العلم.
فأقبل نافع نحو الحسين (عليه السّلام) ، فقال له الحسين : «يا نافع ، إنّ من وضع دينه على القياس لم يزل الدهر في التباس ، سائلاً ناكباً عن المنهاج ، طاعناً بالاعوجاج ، ضالاً عن السبيل ، قائلاً غير الجميل.
يابن الأزرق ، أصِفُ إلهي بما وصف به نَفْسَه ، وأُعرّفه بما عرّف به نفسه ، لا يُدرَك بالحواس ، ولا يُقاس بالناس ، قريب غير ملتصق ، وبعيد غير منتقص ، يُوحَّد ولا يبعّض ، معروف بالآيات ، موصوف بالعلامات ، لا إلهَ إلاّ هو الكبير المتعال».
فبكى ابنُ الأزرق ، وقال : يا حسين ، ما أحسنَ كلامك!
قال له الحسين (عليه السّلام) : «بلغني أنّك تشهد على أبي وعلى أخي بالكفر ، وعليَّ؟!».
قال ابن الأزرق : أما والله يا حسين ، لئن كان ذلك ، لقد كنتم منارَ الإسلام ، ونجومَ الأحكام ... (١).
فشهادة ابن عبّاس الحقّة بأنّ الحسين (عليه السّلام) «من أهل بيت النبوّة ، وهم ورثة العلم» ليست الأُولى منه ، لكن رواية عكرمة ـ وهو من الخوارج ـ لها دليل
____________________
(١) مختصر تاريخ دمشق ـ لابن منظور ٧ / ١٣٠.