ومكارم الأخلاق ، والذي استنفد كلّ سهام مكره ودهائه في قمع هذا الدين واجتثاث أُصوله وفروعه ، وقتل ذويه وأنصاره ، وإطفاء أنواره ، وتهديم مناره ، وتحريف شرائعه وإبطال أحكامه.
هذا المنافق الحسود الحقود لم يجدْ بُدّاً من الاعتراف بعلم الحُسين (عليه السّلام) والإشادة بمنزلته.
فقد أخذ الحسين (عليه السّلام) العلوم في مسجد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، حيث فتح عينه ، وتعلّم ألف باء الحياة والإسلام معاً ، ومعلّمه الأمين هو جدّه رسول الله (صلّى الله عليه وآله).
واليوم ، حين آلتْ إلى الإمام الحسين (عليه السّلام) مهمّة تعليم الأُمّة وإرشادها ، اتّخذ نفس المسجد مدرسةً.
وابن هند ـ ذلك الضلّيل ـ الذي لم يهدأ لحظةً يجدّ في تحريف مسيرة الإسلام ، ويطمس تعاليمه السامية لا يمكنه أن يتغافل عن وجود تلك المدرسة ، لأنّه باسمها يتسنّم العرش ، ولا يمكنه أن يغضّ الطرف عن وجود معلّم مثل أبي عبد الله الحسين الذي هو الامتداد الحقيقيّ لجدّه الرسول (صلّى الله عليه وآله) مؤسّس المدرسة ، فقال معاوية لرجل من قريش :
[١٨٩] إذا دخلتَ مسجد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فرأيت حلقةً فيها قومٌ كأنَّ على رؤوسهم الطير فتلك حلقة أبي عبد الله ، مؤتزراً على أنصاف ساقيه ، ليس فيها من الهُزّيلى شيء.
والهُزّيلى فعلُ المشعوذ الذي يسحر أعين الناس ، لكن ليس في مجلس درس الحسين (عليه السّلام) إلاّ حقائق المعرفة ، وعيون الحكمة ، والعلم الموروث ،