وإذا كان الظالمون لا يلتزمون للكعبة والحرم بأيّة حرمة ، ويستعدّون لقتل النفوس البريئة فيه ، وهتك الأعراض في ساحتها ، وحتّى لهدمها وإحراقها كما أحدثوه في تاريخهم الأسود مراراً ، وصولاً إلى أغراضهم السياسية المشؤومة.
فإنّ بإمكان الحسين (عليه السّلام) أن يسلبهم إمكانيّة تلك الدناءة ، فلا يوفّر لهم فرصة ذلك الإجرام ، ولا يجعل من نفسه ودمه موضعاً لهذا الإقدام الذي يريده المجرمون ، فلا يحقّق بحضوره في الحرم للمجرمين أغراضهم الخبيثة بقتله وهتك حرمة الحرم وإن كان مظلوماً على كلّ حال.
وهذه هي الغاية في احترام الكعبة وحفظ حرمة الحرم.
وقد صرّح الإمام الحسين (عليه السّلام) بهذه الغاية لابن عبّاس لمّا وقف أمام خروجه إلى العراق ، فقال :
[٢٤٣] : «لئن أُقتل بمكان كذا وكذا أحَبُّ إليَّ من أنْ استحلَّ حرمتها».
[٢٤٤] وفي نصّ آخر : «... أحبُّ إليَّ من أن يُستحلّ بي ذلك» (١).
والنصُّ الوارد في نقل الطبراني : «أحبُّ إليَّ من أن يُستحلَّ بي حرم الله ورسوله» (٢).
وهذه مأثرة اختصّ بها أهل البيت (عليهم السّلام) لا بُدّ أنْ يمجّدها المسلمون.
____________________
(١) لاحظ مختصر تاريخ دمشق ـ لابن منظور ٧ / ١٤٢.
(٢) لاحظ تاريخ دمشق ـ ترجمة الإمام الحسين (عليه السّلام) ص ١٩٠ ـ ١٩٣ هامش (٣).