للنصارى وتضليل النصارى لهم كذلك ، مع أن كتاب اليهود أصل لكتاب النصارى ، وكتاب النصارى متمم لكتاب اليهود.
والعبرة من هذا القصص ـ أنهم قد صاروا إلى حال من اتباع الأهواء لا يعتدّ معها بقول أحد منهم لا في نفسه ولا في غيره ، فطعنهم في النبي صلى الله عليه وسلم وإعراضهم عن الإيمان به لا يثبت دعواهم في أنه مخالف للحق ، فاليهود قد كفروا بعيسى وقد كانوا ينتظرونه ، والنصارى كفروا بموسى ورفضوا التوراة وهى حجتهم على دينهم ، فكيف بعدئذ يعتدّ برأيهم في محمد صلى الله عليه وسلم وهو من غير شعبهم ، وجاء بشريعة نسخت شرائعهم.
وسبب نزول الآيات أن يهود المدينة تماروا مع وفد نصارى نجران عند النبي صلى الله عليه وسلم وكذب بعضهم بعضا ، فقال اليهود لبنى نجران : لن يدخل الجنة إلا اليهود ، وقالت بنو نجران لليهود : لن يدخل الجنة إلا النصارى ـ وسواء أصحت هذه الرواية أم لم تصح ـ فعقيدة كل من الفريقين في الآخر كذلك.
الإيضاح
(وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى) أي وقالت اليهود : لن يدخل الجنة إلا من كان هودا ، وقالت النصارى كذلك ، وهذه آراء الفريقين إلى يومنا هذا.
(تِلْكَ أَمانِيُّهُمْ) أي هذه الأمنية السالفة التي تشمل أمانىّ كثيرة ، كنجاتهم من العذاب ووقوع أعدائهم فيه ، وحرمانهم من النعيم.
(قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) أي قل لكلا الفريقين هاتوا البرهان على ما تزعمون ، وهذا وإن كان ظاهره طلب الدليل على صدق المدّعى ، فهو في عرف التخاطب تكذيب له ، لأنه لا برهان لهم عليه.