على المكلّف في أوّل الوقت وفي أثنائه وآخره ، كالصّلاة اليوميّة وصلاة الآيات ، فإنّه لا يجوز تركه في جميع الوقت ، ويكتفى بفعله مرّة واحدة في ضمن الوقت المحدّد له.
ولا إشكال عند العلماء في ورود ما ظاهره التوسعة في الشريعة ، وإنّما اختلفوا في جوازه عقلا على قولين : إمكانه ، وامتناعه. ومن قال بامتناعه (١) أوّل ما ورد على الوجه الذي يدفع الإشكال عنده على ما سيأتي.
والحقّ عندنا جواز الموسّع عقلا ووقوعه شرعا (٢).
ومنشأ الإشكال عند القائل بامتناع الموسّع أنّ حقيقة الوجوب متقوّمة بالمنع من الترك ـ كما تقدّم (٣) ـ فينافيه الحكم بجواز تركه في أوّل الوقت أو وسطه.
والجواب عنه واضح ؛ فإنّ الواجب الموسّع فعل واحد ، وهو طبيعة الفعل المقيّد بطبيعة الوقت المحدود بحدّين على ألاّ يخرج الفعل عن الوقت ، فتكون الطبيعة بملاحظة ذاتها واجبة لا يجوز تركها ، غير أنّ الوقت لمّا كان يسع لإيقاعها فيه عدّة مرّات ، كان لها أفراد طوليّة تدريجيّة مقدّرة الوجود في أوّل الوقت وثانيه وثالثه إلى آخره ، فيقع التخيير العقليّ بين الأفراد الطوليّة ، كالتخيير العقليّ بين الأفراد العرضيّة للطبيعة المأمور بها ، فيجوز الإتيان بفرد وترك الآخر من دون أن يكون جواز الترك له مساس في نفس المأمور به ، وهو طبيعة الفعل في الوقت المحدود (٤). فلا منافاة بين وجوب الطبيعة بملاحظة ذاتها وبين جواز ترك أفرادها عدا فرد واحد.
والقائلون بالامتناع التجئوا إلى تأويل ما ظاهره التوسعة في الشريعة ، فقال بعضهم بوجوبه في أوّل الوقت ، والإتيان به في الزمان الباقي يكون من باب القضاء والتدارك
__________________
(١) قال به الشيخ المفيد ـ من الإماميّة ـ في التذكرة بأصول الفقه : ٣٠ ، وبعض الحنفيّة وبعض الشافعيّة ـ من العامّة ـ على ما في فواتح الرحموت (المستصفى ١ : ٧٤) ، ونهاية السئول ١ : ١٦٣ ـ ١٦٤.
(٢) هذا القول مذهب السيد المرتضى والشيخ الطوسيّ. ونسب في القوانين إلى أكثر المحقّقين. راجع الذريعة إلى أصول الشريعة ١ : ١٤٥ ـ ١٤٦ ؛ العدّة ١ : ٢٣٤ ؛ قوانين الأصول ١ : ١١٨.
(٣) تقدّم في الصفحة : ١٠٨.
(٤) وفي «س» : المحدّد.