لما فات من الفعل في أوّل الوقت (١). وقال آخر بوجوبه في آخر الوقت ، والإتيان به قبله من باب النفل يسقط به الفرض ، نظير إيقاع غسل الجمعة في يوم الخميس وليلة الجمعة (٢). وقيل : غير ذلك (٣).
وكلّها أقوال متروكة عند علمائنا ، واضحة البطلان. فلا حاجة إلى الإطالة في ردّها (٤).
هل يتبع القضاء الأداء؟
ممّا يتفرّع عادة على البحث عن الموقّت «مسألة تبعيّة القضاء للأداء» ، وهي من مباحث الألفاظ ، وتدخل في باب الأوامر.
ولكن أخّر (٥) ذكرها إلى الخاتمة مع أنّ من حقّها أن تذكر قبلها ؛ لأنّها ـ كما قلنا ـ من فروع بحث الموقّت عادة ، فنقول :
إنّ الموقّت قد يفوت في وقته ؛ إمّا لتركه عن عذر ، أو عن عمد واختيار ؛ وإمّا لفساده لعذر أو لغير عذر. فإذا فات على أيّ نحو من هذه الأنحاء فقد ثبت في الشريعة وجوب تدارك بعض الواجبات ، كالصّلاة والصوم ، بمعنى أن يأتي بها خارج الوقت. ويسمّى هذا التدارك «قضاء». وهذا لا كلام فيه إلاّ أنّ الأصوليّين اختلفوا في أنّ وجوب القضاء هل هو على مقتضى القاعدة ـ بمعنى أنّ الأمر بنفس الموقّت يدلّ على وجوب قضائه إذا فات في
__________________
(١) هذا ما نسبه البيضاويّ في منهاج الأصول إلى بعض الشافعيّة ، وأنكر هذه النسبة الأسنوي في شرح منهاج الأصول «نهاية السئول». فراجع نهاية السئول ١ : ١٦٣ ـ ١٦٤ و ١٧١.
(٢) هذا القول منسوب إلى بعض الحنفيّة. راجع الإحكام (للآمدي) ١ : ١٤٩ ؛ فواتح الرحموت (المستصفى ١ : ٧٤) ؛ قوانين الأصول ١ : ١١٨.
(٣) كقول أبي الحسن الكرخي من كون الواجب الموسّع مراعى ، فإن أدراك المكلّف أخر الوقت على صفة المكلّفين تبيّن أنّ ما أتى به أوّل الوقت كان واجبا ، وإن لم يدرك آخر الوقت على صفة المكلّفين كان نفلا. هذا القول نسب إليه في فواتح الرحموت (المستصفى ١ : ٧٤) ، والإحكام (الآمدي) ١ : ١٤٩ ، ونهاية السئول ١ : ١٧٥.
(٤) ومن أراد تفصيل ما ذكر في ردّها فليراجع قوانين الأصول ١ : ١١٨ ، هداية المسترشدين : ٢٥٦ ، الفصول الغرويّة ، ١٠٤ ـ ١٠٥.
(٥) وفي «س» : أخّرت.