وقد رجّحنا فيما سبق أنّ الوصف لا مفهوم له ، فإذا قال المقرّ مثلا : «في ذمّتي عشرة دراهم إلاّ درهم» بجعل «إلاّ درهم» وصفا ، فإنّه يثبت في ذمّته تمام العشرة الموصوفة بأنّها ليست بدرهم. ولا يصحّ أن تكون استثنائية ؛ لعدم نصب درهم. ولا مفهوم لها حينئذ ، فلا تدلّ على عدم ثبوت شيء آخر في ذمّته لزيد.
وأمّا «إلاّ» الاستثنائيّة : فلا ينبغي الشكّ في دلالتها على المفهوم ، وهو انتفاء حكم المستثنى منه عن المستثنى ؛ لأنّ «إلاّ» موضوعة للإخراج وهو الاستثناء ، ولازم هذا الإخراج باللزوم البيّن بالمعنى الأخصّ أن يكون المستثنى محكوما بنقيض حكم المستثنى منه. ولمّا كان هذا اللزوم بيّنا ، ظنّ بعضهم (١) أنّ هذا المفهوم من باب المنطوق.
وأمّا أداة الحصر بعد النفي نحو : «لا صلاة إلاّ بطهور» : فهي في الحقيقة من نوع الاستثنائيّة.
فرع : لو شككنا في مورد أنّ كلمة «إلاّ» استثنائيّة أو وصفيّة ، مثل ما لو قال المقرّ : «ليس في ذمّتي لزيد عشرة دراهم إلاّ درهم» ؛ إذ يجوز في المثال أن تكون «إلاّ» وصفيّة ، ويجوز أن تكون استثنائيّة ، فإنّ الأصل في كلمة «إلاّ» أن تكون للاستثناء ؛ فيثبت في ذمّته في المثال درهم واحد. أمّا لو كانت وصفيّة فإنّه لا يثبت في ذمّته شيء ، لأنّه يكون قد نفى العشرة الدراهم كلّها الموصوفة تلك الدراهم بأنّها ليست بدرهم.
٢. «إنّما» وهي أداة حصر مثل كلمة «إلاّ» ، فإذا استعملت في حصر الحكم في موضوع معيّن دلّت بالملازمة البيّنة على انتفائه عن غير ذلك الموضوع ، وهذا واضح.
٣. «بل» وهي للإضراب ، وتستعمل في وجوه ثلاثة :
الأوّل : للدلالة على أنّ المضرب عنه وقع عن غفلة أو على نحو الغلط ، ولا دلالة لها حينئذ على الحصر ، وهو واضح.
والثاني : للدلالة على تأكيد المضرب عنه وتقريره ، نحو : «زيد عالم بل شاعر» ، ولا دلالة لها أيضا حينئذ على الحصر.
__________________
(١) وهو المحقّق الخراسانيّ في كفاية الأصول : ٢٤٨ ـ ٢٤٩.