٢. طريقة قاعدة اللطف : وهي أن يستكشف عقلا رأي المعصوم من اتّفاق من عداه (١) من العلماء الموجودين في عصره خاصّة ، أو في العصور المتأخّرة ، مع عدم ظهور ردع من قبله لهم بأحد وجوه الردع الممكنة ، خفيّة أو ظاهرة ، إمّا بظهوره نفسه ، أو بإظهار من يبيّن الحقّ في المسألة. فإنّ قاعدة اللطف ـ كما اقتضت نصب الإمام وعصمته ـ تقتضي أيضا أن يظهر الإمام الحقّ في المسألة التي يتّفق المفتون فيها على خلاف الحقّ ، وإلاّ للزم سقوط التكليف بذلك الحكم ، أو إخلال الإمام بأعظم ما وجب عليه ونصب لأجله ، وهو تبليغ الأحكام المنزّلة.
وهذه الطريقة هي التي اختارها الشيخ الطوسيّ ، ومن تبعه ، (٢) بل يرى انحصار استكشاف قول الإمام من الإجماع فيها. وربما يستظهر من كلام السيّد المرتضى ـ المنقول في «العدّة» (٣) عنه في ردّ هذه الطريقة ـ كونها معروفة قبل الشيخ أيضا.
ولازم هذه الطريقة عدم قدح المخالفة مطلقا ، سواء كانت من معلوم النسب ، أو مجهوله ، مع العلم بعدم كونه الإمام ، ولم يكن معه برهان يدلّ على صحّة فتواه.
ولازم هذه الطريقة أيضا عدم كشف الإجماع إذا كان هناك آية ، أو سنّة قطعيّة على خلاف المجمعين ، وإن لم يفهموا دلالتها على الخلاف ؛ إذ يجوز أن يكون الإمام قد اعتمد عليها في تبليغ الحقّ.
٣. طريقة الحدس : وهي أن يقطع بكون ما اتّفق عليه فقهاء الإماميّة وصل إليهم من رئيسهم وإمامهم يدا بيد ، فإنّ اتّفاقهم ـ مع كثرة اختلافهم في أكثر المسائل ـ يعلم منه أنّ الاتّفاق كان مستندا إلى رأي إمامهم ، لا عن اختراع للرأي من تلقاء أنفسهم اتّباعا للأهواء ؛ أو استقلالا بالفهم. كما يكون ذلك في اتّفاق أتباع سائر ذوي الآراء والمذاهب ، فإنّه لا نشكّ فيها أنّها مأخوذة من متبوعهم ورئيسهم الذي يرجعون إليه.
والذي يظهر ، أنّه قد ذهب إلى هذه الطريقة أكثر المتأخّرين. (٤) ولازمها أنّ الاتّفاق
__________________
(١) أي عدا المعصوم.
(٢) العدّة ٢ : ٦٢٩ ـ ٦٣١.
(٣) العدّة ٢ : ٦٣١.
(٤) منهم المحقّق الخراسانيّ في كفاية الأصول : ٣٣١ ، والمحقّق العراقيّ في نهاية الأفكار ٣ : ٧٩.