ينبغي أن يقع في جميع العصور من عصر الأئمّة إلى العصر الذي نحن فيه ؛ لأنّ اتّفاق أهل عصر واحد ـ مع مخالفة من تقدّم ـ يقدح في حصول القطع ، بل يقدح فيه مخالفة معلوم النسب ممّن يعتدّ بقوله ، فضلا عن مجهول النسب.
٤. طريقة التقرير : وهي أن يتحقّق الإجماع بمرأى ومسمع من المعصوم ، مع إمكان ردعهم ببيان الحقّ لهم ، ولو بإلقاء الخلاف بينهم ، فإنّ اتّفاق الفقهاء على حكم ـ والحال هذه ـ يكشف عن إقرار المعصوم لهم فيما رأوه ، وتقريرهم على ما ذهبوا إليه ؛ فيكون ذلك دليلا على أنّ ما اتّفقوا عليه هو حكم الله واقعا.
وهذه الطريقة لا تتمّ إلاّ مع إحراز جميع شروط التقرير التي قد تقدّم الكلام عليها في مبحث السنّة. (١) ومع إحراز جميع الشروط لا شكّ في استكشاف موافقة المعصوم ، بل بيان الحكم من شخص واحد بمرأى ومسمع من المعصوم ، مع إمكان ردعه وسكوته عنه يكون سكوته تقريرا كاشفا عن موافقته. ولكنّ المهمّ أن يثبت لنا أنّ الإجماع في عصر الغيبة هل يتحقّق فيه إمكان الردع من الإمام ، ولو بإلقاء الخلاف؟ أو هل يجب على الإمام بيان الحكم الواقعيّ والحال هذه؟ وسيأتي ما ينفع في المقام. (٢)
هذه خلاصة ما قيل من الوجوه المعروفة في استنتاج قول الإمام من الإجماع. (٣)
وقد يحصل للإنسان ـ المتتبّع لأقوال العلماء ، المحصّل لإجماعهم ـ بعض الوجوه دون البعض ـ أي لا يجب في كلّ إجماع أن يبتنى على وجه واحد من هذه الوجوه ـ ؛ وإن كان السيّد المرتضى يرى انحصاره في الطريقة الأولى (الطريقة التضمّنيّة) ـ أي الإجماع الدخوليّ ـ ، والشيخ الطوسيّ يرى انحصاره (٤) في الطريقة الثانية (طريقة قاعدة اللطف).
وعلى كلّ حال ، فإنّ الإجماع إنّما يكون حجّة إذا كشف كشفا قطعيّا عن قول المعصوم من أيّ سبب كان ، وعلى أيّة طريقة حصل ، فليس من الضروريّ أن نفرض حصوله من
__________________
(١) راجع الصفحة : ٤٢٣.
(٢) يأتي في الصفحة : ٤٦٦.
(٣) ومنها أيضا التشرّف بخدمة الإمام عليهالسلام ، ومعرفة رأيه ، فينقل الحكم معنونا بالإجماع لبعض الأغراض.
(٤) وفي «س» : وحصره الشيخ الطوسيّ.