٢. إنّه ليس بحجّة مطلقا ؛ لأنّه لا يدخل في أفراد خبر الواحد من جهة كونه حجّة. (١)
٣. التفصيل بين نقل إجماع جميع الفقهاء في جميع العصور الذي يعلم فيه من طريق الحدس قول المعصوم ، فيكون حجّة ، وبين غيره من الإجماعات المنقولة التي يستكشف منها بقاعدة اللطف أو نحوها قول المعصوم ، فلا يكون حجّة. وإلى هذا التفصيل مال الشيخ الأعظم الأنصاريّ. (٢)
وسرّ الخلاف في المسألة يكمن في أنّ أدلّة خبر الواحد ـ من جهة أنّها تدلّ على وجوب التعبّد بالخبر ـ لا تشمل كلّ خبر عن أيّ شيء كان ، بل مختصّة بالخبر الحاكي عن حكم شرعيّ ، أو عن ذي أثر شرعيّ ، ليصحّ أن يتعبّدنا الشارع به ، وإلاّ فالمحكيّ بالخبر إذا لم يكن حكما شرعيّا ، أو ذا أثر شرعيّ لا معنى للتعبّد به ، فلا يكون مشمولا لأدلّة حجّيّة خبر الواحد.
ومن المعلوم أنّ الإجماع المنقول ـ غير الإجماع الدخوليّ ـ إنّما المحكيّ به بالمطابقة نفس أقوال العلماء ، وأقوال العلماء في أنفسها ـ بما هي أقوال علماء ـ ليست حكما شرعيّا ، ولا ذات أثر شرعيّ.
وعليه ، فنقل أقوال العلماء من جهة كونها أقوال علماء لا يصحّ أن يكون مشمولا لأدلّة خبر الواحد. وإنّما يصحّ أن يكون مشمولا لها إذا كشف هذا النقل عن الحكم الصادر عن المعصوم ، ليصحّ التعبّد به.
إذا عرفت ذلك ، فنقول : إن ثبت لدينا أنّه يكفي في صحّة التعبّد بالخبر كشفه ـ على أيّ نحو كان من الكشف ـ عن الحكم الصادر من المعصوم ، ولو باعتبار الناقل ، نظرا إلى أنّه لا يعتبر في حجّيّة الخبر حكاية نصّ ألفاظ المعصوم ؛ لأنّ المناط معرفة حكمه ، ولذا يجوز النقل بالمعنى ، فالإجماع (٣) المنقول ـ الذي هو موضع البحث ـ يكون حجّة مطلقا ؛ لأنّه
__________________
(١) قال في العدّة : «وحكي عن النظّام ، وجعفر بن حرب ، وجعفر بن مبشر ، أنّهم قالوا : الإجماع ليس بحجّة». العدّة ٢ : ٦٠١.
(٢) فرائد الأصول ١ : ٨٧ و ٩٥.
(٣) جواب «إن ثبت».