ولكن ينبغي ألاّ يخفى أنّ المقصود من الشكّ ما هو أعمّ من الشكّ بمعناه الحقيقيّ ـ أي تساوي الاحتمالين ـ ومن الظنّ غير المعتبر ، فيكون المراد منه عدم العلم والعلميّ مطلقا ، وستأتي الإشارة إلى سرّ ذلك.
٣. «اجتماع اليقين والشكّ في زمان واحد» : بمعنى أن يتّفق في آن واحد حصول اليقين والشكّ ، لا بمعنى أنّ مبدأ حدوثهما يكون في آن واحد ، بل قد يكون مبدأ حدوث اليقين قبل حدوث الشكّ ، كما هو المتعارف في أمثلة الاستصحاب ، (١) وقد يكونان متقارنين حدوثا ، كما لو علم يوم الجمعة ـ مثلا ـ بطهارة ثوبه يوم الخميس ، وفي نفس يوم الجمعة في آن حصول العلم حصل له الشكّ في بقاء الطهارة السابقة إلى يوم الجمعة ، وقد يكون مبدأ حدوث اليقين متأخّرا عن حدوث الشكّ ، كما لو حدث الشكّ يوم الجمعة في طهارة ثوبه واستمرّ الشكّ إلى يوم السبت ، ثمّ حدث له يقين يوم السبت في أنّ الثوب كان طاهرا يوم الخميس ، فإنّ كلّ هذه الفروض هي مجرى للاستصحاب.
والوجه في اعتبار اجتماع اليقين والشكّ في الزمان واضح ؛ لأنّ ذلك هو المقوّم لحقيقة الاستصحاب الذي هو إبقاء ما كان ؛ إذ لو لم يجتمع اليقين السابق مع الشكّ اللاحق زمانا فإنّه لا يفرض ذلك إلاّ فيما إذا تبدّل اليقين بالشكّ ، وسرى الشكّ إليه ، فلا يكون العمل باليقين إبقاء لما كان ، بل هذا مورد قاعدة اليقين المباينة في حقيقتها لقاعدة الاستصحاب ، وستأتي الإشارة إليها. (٢)
٤. «تعدّد زمان المتيقّن والمشكوك» : ويشعر بهذا الشرط نفس الشرط الثالث المتقدّم ؛ لأنّه مع فرض وحدة زمان اليقين والشكّ يستحيل فرض اتّحاد زمان المتيقّن والمشكوك مع كون المتيقّن نفس المشكوك ، كما سيأتي اشتراط ذلك (٣) في الاستصحاب أيضا. (٤)
__________________
(١) كما لو علم يوم الخميس بطهارة ثوبه ، واستمرّ علمه إلى يوم الجمعة ، ثمّ حدث له الشك يوم الجمعة في طهارة ثوبه وبقائها إلى يوم الجمعة.
(٢) أي قاعدة اليقين. وتأتي بعد أسطر.
(٣) أي كون المتيقّن نفس المشكوك.
(٤) وهو الركن الخامس الآتي.