وذلك ؛ لأنّ معناه اجتماع اليقين والشكّ بشيء واحد ، وهو محال. والحقيقة أنّ وحدة زمان صفتي اليقين والشكّ بشيء واحد تستلزم تعدّد زمان متعلّقهما ، وبالعكس ، أي إنّ وحدة زمان متعلّقهما تستلزم تعدّد زمان الصفتين.
وعليه ، فلا يفرض الاستصحاب إلاّ في مورد اتّحاد زمان اليقين والشكّ ، مع تعدّد زمان متعلّقهما.
وأمّا : في فرض العكس ـ بأن يتعدّد زمانهما مع اتّحاد زمان متعلّقهما ، بأن يكون في الزمان اللاحق شاكّا في نفس ما تيقّنه سابقا بوصف وجوده السابق ـ فإنّ هذا هو مورد ما يسمّى بـ «قاعدة اليقين». والعمل باليقين لا يكون إبقاء لما كان ، مثلا : إذا تيقّن بحياة شخص يوم الجمعة ، ثمّ شكّ يوم السبت في نفس حياته يوم الجمعة ، بأن سرى الشكّ إلى يوم الجمعة ـ أي إنّه تبدّل يقينه السابق إلى الشكّ ـ فإنّ العمل على اليقين لا يكون إبقاء لما كان ؛ لأنّه حينئذ لم يحرز ما كان تيقّن به أنّه كان. ومن أجل هذا عبّروا عن مورد قاعدة اليقين «بالشكّ الساري».
وهذا هو الفرق الأساسيّ بين القاعدتين. وسيأتي أنّ أخبار الاستصحاب لا تشملها ، ولا دليل عليها غيرها. (١)
٥. «وحدة متعلّق اليقين والشكّ» : أي إنّ الشكّ يتعلّق بنفس ما تعلّق به اليقين ، مع قطع النظر عن اعتبار الزمان. وهذا هو المقوّم لمعنى الاستصحاب الذي حقيقته إبقاء ما كان.
وبهذا تفترق قاعدة الاستصحاب عن «قاعدة المقتضي والمانع» التي موردها ما لو حصل اليقين بالمقتضي والشكّ في الرافع ـ أي المانع من تأثيره ـ ، فيكون المشكوك فيها غير المتيقّن. فإنّ من يذهب إلى صحّة هذه القاعدة يقول : «إنّه يجب البناء على تحقّق المقتضى ـ بالفتح ـ إذا تيقّن بوجود المقتضي ـ بالكسر ـ ، ويكفي ذلك بلا حاجة إلى إحراز عدم المانع من تأثيره ، أي إنّ مجرّد إحراز المقتضي كاف في ترتيب آثار مقتضاه». وسيأتي الكلام إن شاء الله (تعالى) فيها. (٢)
__________________
(١) أي لا دليل معتبر على قاعدة الاستصحاب ، غير الأخبار ، وهي لا تشمل قاعدة اليقين.
(٢) يأتي في الصفحة : ٦٣٨.