(وَدَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَما كانُوا يَعْرِشُونَ) أي وخرّبنا ما كان يصنع فرعون وقومه من المبانى والقصور التي كانوا يبنونها للمصريين ، والمكايد السحرية والصناعية التي كان يصنعها السحرة لإبطال آياته والتشكيك فيها كما قال تعالى «إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ» وما كانوا يعرشون من الجنات والبساتين.
وأسباب هذا التدمير لتلك المصانع والعروش أمور :
(١) الآيات التي أيد الله تعالى بها موسى من الطوفان والجراد وغيرها ، وسمتها التوراة : الضربات العشر.
(٢) إنجاء بنى إسرائيل وحرمان فرعون وقومه من استعبادهم فى أعمالهم.
(٣) هلاك من غرق من قوم فرعون وحرمان البلاد وسائر الأمة من ثمرات أعمالهم فى العمران ، وقد أنذرهم موسى عاقبة ذلك فكذبوا بالآيات وأصرّوا على الجمود والعناد فظلموا أنفسهم وما ظلمهم الله.
ووجه العبرة فى هذه الآيات ما كان للايمان فى قلب موسى وهارون من التأثير ، إذ تصديا لأكبر ملك فى أكبر دولة فى الأرض استعبدت قومه فى خدمتها عدة قرون ، وما زال يكافحانه بالحجج والآيات حتى أظفرهما الله تعالى به وأنقذا قومهما من ظلمه ، ولهذا يجدر ألا تستعظم قوة الدول الظالمة أمام قوة الحق كما قال : «إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ» وقال : «وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ».
(وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلى أَصْنامٍ لَهُمْ قالُوا يا مُوسَى اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (١٣٨) إِنَّ هؤُلاءِ مُتَبَّرٌ ما هُمْ فِيهِ وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٣٩) قالَ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِيكُمْ إِلهاً وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ (١٤٠) وَإِذْ