الحق من تلك الحقوق ، بل وفاء تلك الحقوق يجزيه فعل واحد لوفاء تلك الحقوق ويكفيه. فإذا لم يرد أمرا ، فأيّ معنى للإجزاء والكفاية؟
هذا ، مضافا إلى ما عرفت ممّا سبق ـ فتأمّل ـ وخصوصا مع كون شغل الذمّة اليقيني يستدعي البراءة اليقينيّة ، وأنّ الحدث اليقيني مستصحب حتّى يثبت خلافه ، وأنّ الشكّ في الشرط يقتضي الشكّ في المشروط. إلى غير ذلك ، وخصوصا بعد ملاحظة مجموع ما ذكرناه سابقا.
واستدلّ أيضا بما رواه في «الفقيه» : «أنّ من جامع في أوّل شهر رمضان ثمّ نسي الغسل حتّى خرج شهر رمضان عليه أن يغتسل ويقضي صلاته وصومه إلّا أن يكون قد اغتسل للجمعة فإنّه يقضي صلاته وصومه إلى ذلك اليوم ولا يقضي ما بعد ذلك اليوم» (١) ، مع أنّه رحمهالله قال في أوّل كتابه ما قال (٢).
وفيه ، أنّه رحمهالله ومن وافقه لا يعتبرون ما ذكره الصدوق في أوّل «الفقيه» لأجل حجيّة الحديث.
مع أنّه في كثير من المقامات ربّما كان روايته أقوى من هذه ، مع أنّها تتضمّن فساد الصوم بنسيان الغسل والبقاء على الجنابة إلى الصبح ناسيا أيضا ، مع أنّ فتواهم أنّ البقاء عمدا يفسد الصوم ، مع أنّه استشكل في هذا أيضا في مبحث الصوم (٣).
هذا ، مع أنّه رحمهالله أورد في «الفقيه» أخبارا كثيرة لا يفتي بمضمونها ، بل يفتي بخلافها.
حتّى أنّه قال جدّي ، في شرحه عليه : أنّه ، بدا له عمّا ذكره في أوّل الكتاب ،
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه : ٢ / ٧٤ الحديث ٣٢١ ، وسائل الشيعة : ١٠ / ٢٣٨ الحديث ١٣٣١٢ مع اختلاف يسير.
(٢) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٣.
(٣) من لا يحضره الفقيه : ٢ / ٧٥ ذيل الحديث ٣٢٨.