وصار عادة المصنّفين (١) ، مع أنّ صحّة الغسل للجمعة واعتباره للصوم والصلاة ، لعلّه لمكان الضرورة ودفع الحرج وتحصيل اليسر والسهولة في الدين ، فتأمّل!
هذا ، والاحتياط واضح بحمد الله تعالى.
ثمّ اعلم! أنّه إذا كان أحد الأغسال غسل الجنابة ، فالغسل بغير وضوء عند الفقهاء ـ وإن كان منها غسل الحيض وأمثاله ، ممّا يجب كونه مع الوضوء ـ لأنّ غسل الجنابة يجزي عن الوضوء بالإجماع منّا ، والحدث الأصغر أيضا يرتفع به ، فلم يبق حتّى يحتاج رفعه إلى الوضوء.
نعم ، إذا لم يكن من جملتها غسل الجنابة ، فالمتعيّن كون الغسل مع الوضوء إذا اريد الصلاة به ، أو مطلقا ، كما مرّ في مبحثه.
واعلم! أيضا أنّ التداخل ليس على سبيل القهر والعزيمة ، كما توهّمه صاحب «الذخيرة» وموافقوه من كون الأغسال عند الاجتماع غسلا واحدا شخصيّا (٢) ، هو بعينه غسل الجنابة ، وهو بعينه غسل الجمعة وهكذا ، لأصالة البراءة وعدم الزيادة وصدق الامتثال بواحد عرفا ، إذ قد عرفت فساد الكلّ.
وممّا ينادي بفساده الأخبار الدالّة على التداخل (٣) إذ هي صريحة في كون التداخل على سبيل الجواز والرخصة ، بل وظاهرة في المرجوحيّة أيضا ، لأنّه ورد : أنّ الغسل الواحد يجزي عن المتعدّد (٤) ، والإجزاء يطلق على أقلّ مراتب الواجب ، ودليل على استحباب غيره ، كما مرّ في مبحث الاستنجاء (٥) ، وأنّه مسلّم عند
__________________
(١) روضة المتّقين : ١ / ١٧.
(٢) ذخيرة المعاد : ٩ ، مدارك الأحكام : ١ / ١٩٤ ، الحدائق الناضرة : ٢ / ٢٠٣ و ٢٠٤ ، للتوسع لاحظ! مفتاح الكرامة : ١ / ١١٢.
(٣) راجع! وسائل الشيعة : ٢ / ٢٦١ الباب ٤٣ من أبواب الجنابة.
(٤) وسائل الشيعة : ٢ / ٢٦١ الباب ٤٣ من أبواب الجنابة.
(٥) راجع! الصفحة : ١٧٤ ـ ١٧٦ (المجلّد الثالث) من هذا الكتاب.