قوله : (هو غسل البشرة جميعا مع النيّة). إلى آخره.
الغسل من جملة العبادات كالوضوء والتيمم وغيرهما ممّا هو من مستحدثات الشرع ، ولذا يكون توقيفيّا ووظيفة الشرع ، كنفس الأحكام الشرعيّة في العبادات أو المعاملات ، لعدم طريق إليه من غير جهته ، وإن كانت الأحكام ممّا يستقلّ العقل بدرك حسنه أو قبحه ، لأنّ استقلاله لهما كاشف عن حكم الشرع بهما ، لا أنّه هو هو.
وأمّا ماهيّة العبادات ، فلا طريق للعقل ولا غيره إليها أصلا ، سوى بيان الشرع بالبديهة.
فلا بدّ من ثبوت كون الغسل ما هو بحسب الشرع ، والثابت منه قسمان :
ترتيبي : وهو الأصل في الغسل.
وارتماسي : وهو يجزي عن الترتيبي ، ولذا يعرفون الفقهاء إيّاه بالقسم الترتيبي ، ثمّ يقولون : ويسقط الترتيب بارتماسة واحدة (١).
وحكم بعضهم بأنّ الارتماسي ترتيبي حكما (٢) ، كما ستعرف ، ويظهر من النص أنّ الارتماسي يجزي عن الغسل (٣).
إذا عرفت هذا فنقول : يجب في الغسل النيّة على نحو ما مرّ في الوضوء ، لأنّ الحال واحد بلا شبهة على ما هو مقتضى النصوص والفتاوي ، فلا يحتاج المقام إلى البسط والتطويل ، غير أنّه ذكر جماعة أنّ المستحاضة لا تنوي رفع الحدث في
__________________
(١) المبسوط : ١ / ٢٩ ، شرائع الإسلام : ١ / ٢٧ ، كشف اللثام : ١ / ١٩ ، مدارك الأحكام : ١ / ٢٩٥.
(٢) الاستبصار : ١ / ٢٥ ذيل الحديث ٤٢٤.
(٣) وسائل الشيعة : ٢ / ٢٣٠ الحديث ٢٠١٧ ، ٢٣٢ الحديث ٢٠٢٤ و ٢٠٢٥.