مبحث الوضوء ، ولما روى أبو يحيى الواسطي عن بعض أصحابه أنّه قال للصادق عليهالسلام : الجنب يتمضمض؟ قال : «لا ، إنّما يجنب الظاهر» (١) ، إذ التعليل ظاهر في أنّ المنفي في الرواية الاولى كونهما ممّا يرفع الجنابة.
ومقتضى هذه الرواية وغيرها عدم وجوب غسل غير الظواهر ، وهو إجماعي ، إلّا أنّه وقع الإشكال فيما إذا وقع في مثل الاذن ثقب ، فهل يجب غسل داخل ذلك الثقب وإن كان ممّا لا يرى؟ بناء على أنّه قبل الثقب كان تحت الجلد ، وبعده صار جلدا ظاهرا فوق اللحم واللحم تحته ، أم لا يجب إلّا غسل ما يرى منه؟ لأنّ ما لا يظهر لا يكون من الظواهر كداخل الأنف والفم ومثلهما ، والثاني أقوى والأوّل أحوط.
قوله : (وإمرار اليد). إلى آخره.
الإمرار الذي يكون على سبيل الاستظهار يعني الموضع الذي ظهر وصول الماء إليه وجريانه عليه يستحب إمرار اليد عليه استظهارا ، وأمّا الموضع الذي لا يجري الماء عليه إلّا بالإمرار فالإمرار عليه واجب من باب المقدّمة ، فوجوبه حينئذ شرعي على المشهور ، لكون مقدّمة الواجب عندهم واجبة شرعا ، وشرطي عند من لم يقل بوجوب مقدّمة الواجب المطلق.
وأمّا الموضع الذي أمكن إجراء الماء عليه بإمرار اليد عليه ، كما أمكن بصبّ الماء عليه ، فوجوب الإمرار حينئذ تخييري شرعيّا كان أو شرطيّا ، ويكون أفضل من الصبّ ، لحصول الاستظهار به دونه.
لكن مرّ الكلام في ذلك في الوضوء بأنّ شغل الذمّة اليقيني يستدعي البراءة
__________________
(١) تهذيب الأحكام : ١ / ١٣١ الحديث ٣٦٠ ، الاستبصار : ١ / ١١٨ الحديث ٣٩٦ ، وسائل الشيعة : ٢ / ٢٢٦ الحديث ٢٠٠٥.