ومنع حدثيّة هذه الأحداث عند حدوثها قبل كمال الغسل ، ودعوى حدثيّتها عند حدوثها بعد الكمال ـ سيّما مع نهاية كثرة تلك الأحداث ووفورها إن اتّفقت ـ لا يخلو عن تحكّم بملاحظة عمومات الأخبار ، والعلل الواردة في الوضوء من الأحداث ، وخصوص ما ورد من أنّ «الغسل يجزي عن الوضوء ، وأيّ وضوء أطهر من الغسل؟» (١) وأمثال ذلك ، مضافا إلى فهم الفقهاء وفتاواهم.
وكون رافع هذه الأحداث مع اجتماعها مع الجنابة هو الوضوء ، أو الوضوء مع بقيّة الغسل غير ثابت من الشرع ، بل الظاهر منه عدمه ، بملاحظة الأخبار الواردة في المنع عن الوضوء مع غسل الجنابة ، وما ورد من أنّ أكبر الفريضتين يجزي عن أصغرهما (٢) ، وغير ذلك ممّا أشرنا إليه في تتميم القواعد والاستصحاب.
وبالجملة ، لا يظهر من الأخبار والإجماعات أنّ غسل الجنابة على ضربين : ضرب يرفع الأكبر والأصغر جميعا من دون وضوء بل الوضوء معه حرام ، وضرب لا يرفع سوى الأكبر ورافع الأصغر فيه هو الوضوء خاصّة ، فيجب معه الوضوء ، بل لا يظهر منهما إلّا كون غسل الجنابة ضربا واحدا يحرم معه الوضوء ، ويرفع الحدثين من دون وضوء.
بل عرفت أنّه مع التمكّن من رفع الأصغر خاصّة بالوضوء يحرم الوضوء ويجب التيمم الذي هو نصف الوضوء وبدل من غسل الجنابة.
مع أنّه يظهر من الأخبار المتواترة أنّ مع التمكّن من الطهارة المائيّة لا يجوز الترابيّة (٣) ، بل يكون مع حرمتها فاسدة أيضا ، وصحّتها ووجوبها إنّما يكونان في
__________________
(١) تهذيب الأحكام : ١ / ١٣٩ الحديث ٣٩٠ ، الاستبصار : ١ / ١٢٦ الحديث ٤٢٧ ، وسائل الشيعة : ٢ / ٢٤٤ الحديث ٢٠٥٥.
(٢) لاحظ! وسائل الشيعة : ٢ / ٢٤٤ الباب ٣٣ من أبواب الجنابة.
(٣) راجع! وسائل الشيعة : ٣ / ٣٨٩ الباب ٢٦ من أبواب التيمم.