التخلل لا يكون المعنى (١) إلّا أنّ بعضا من الأجزاء تحقّق الغسل بالنسبة إليه قبل أن يتحقّق ذلك الغسل بالنسبة إلى الجزء الآخر.
فهذا تدافع ـ بين الكلامين ـ ظاهر ، مع أنّه لا فرق بين الوحدة الحقيقية والوحدة العرفية ، إذ الوحدة العرفية معناها عدم تحقّق تقديم ولا تأخير أصلا بحسب العرف وإن تحقّقا بحسب الحقيقة ، إلّا أنّ العبرة في الأحكام الشرعية إنّما هي بالعرف غالبا ، كما هو مسلّم عنده أيضا ، هذا مثل وجود زمان الحال عرفا ، وإن استحال وجوده حقيقة ، لكن بناء الشرع على وجوده بالبديهة.
فالمتقدّم حقيقة غير متقدّم عرفا ، بل يكون بحسب العرف مع المتأخّر معا حقيقة ، فهما في زمان واحد عرفي جميعا ومعا ، ومن المعلوم بالبديهة أنّ الغسل الواحد العرفي بالدفعة العرفية لا يتحقّق إلّا بعد تماميّة الشمول لجميع أجزاء البدن بعد التخليل.
والفرق بين العرفي والحقيقي إنّما هو في الشمول ، لا في تحقّق الغسل وحصول الطهارة ، فإنّ الغسل والطهارة لا يحصل بجزء دون جزء وعضو قبل عضو في الغسل الارتماسي ، بناء على عدم ترتيب فيه أصلا ، كما هو ظاهر النص ومقتضى الفتاوى ، بل الترتيبي لو فرض عدم حصول الغسل والطهارة لجزء من الأجزاء أصلا ورأسا إلّا بعد تماميّة الغسل وحصول ما هو المطهّر شرعا ، من مجموع جعله الشارع من المطهّر والمزيل للحدث ، لا جرم لا يكون الحدث الأصغر في أثنائه مضرّا ، لكونه قبل الغسل وقبل ما يؤثّر في الإزالة وقبل أثر من آثاره.
فإذا كان الترتيبي كذلك ، فما ظنّك بالارتماسي المذكور؟ مثلا إذا كان في الجسد عكن كثيرة لا يتيسّر للمغتسل التخليل بالنسبة إلى الكلّ دفعة حقيقيّة ،
__________________
(١) لم ترد في (ف) و (ز ١) (ط) من هنا. إلى قوله : المطهّر والمزيل.