ولو لم يمكن الغسل ولا التيمم لم يكن حراما ، لعدم التكليف بما لا يطاق. وإن أمكن كلّ واحدة من الطهارتين يكون مقتضى القاعدة الثابتة من الأخبار تقديم الغسل ، لكون التيمم طهارة بعد العجز عن المائية ، كما هو المستفاد من الأخبار والفتاوى ، فإذا أمن المسجد وآلاته من التنجيس بالغسل أمكن الغسل.
لكن بملاحظة كون الكون في المسجدين حراما عليهما مطلقا ، إلّا ما لا بدّ منه وهو الخروج ، إذا لم يتمكّن من واحد من الطهارتين ، أو يتمكّن بحيث لا يحصل مكث أصلا ، مثل أن يكون حال الخروج متمكّنا من التيمم من دون مكث ، فيجب الطهارة حينئذ للخروج.
ولا يتأتّى الغسل كذلك ، إلّا على فرض بعيد غاية العبد ، وهو الغسل حال نزول المطر ، وعدم التمكّن من التيمم من جهة الماء.
أمّا إذا تمكّن من التيمم أيضا يكون ذلك واجبا عليه ، لسرعة حصول الطهارة منه وبطئها من الغسل ، فيلزم زيادة الكون الحرام.
وأمّا إذا ساوى زمانهما ، أو قصر زمان الغسل على الفرض البعيد غاية البعد تعيّن الغسل ، لما عرفت.
وكذلك الحال لو استلزم كلّ واحد من التيمم والغسل مكثا ، لكن يكون مكثهما قليلا بالنسبة إلى قدر زمان الكون للخروج من غير طهارة ، فحينئذ يتعيّن استثناء زمان الطهارة عن الكون الحرام ، لأنّه يوجب ترك الحرام ، وللإجماعين المنقولين ، والخبرين المذكورين ، إذ ظواهرها يشمل ما لو اقتضى التيمم مكثا.
لكن لا يظهر منها الشمول لصورة يكون مكث التيمم أزيد من قدر الكون للخروج ، إذ ظواهرها عكس ذلك ، فهو كون مقدار زمان الخروج أزيد من زمان المكث للتيمّم.