التيمم مطلقا ، فيكون استعمال الماء خلاف الشرع وباطلا ، لأنّ المراد من التمكّن ما هو بحسب الشرع. وعلى القول بأنّه متمكّن من استعمال الماء شرعا يكون الواجب عليه الغسل خاصّة ، فتيممه باطل حينئذ ، إلّا أن نقول : الأمر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضدّه ، كما هو رأيه ، فحينئذ كونه مأمورا بالتيمم للخروج لا يقتضي النهي عن ضدّه ، وهو الغسل للصلاة.
لكن الإشكال لعلّه لم يرتفع بالمرّة من جهة أنّ قصد القربة شرط ، والغسل الذي يوجب الكون الحرام ويقتضيه كيف يتأتّى قصد القربة به؟ ، لأنّ الكون في المسجد حرام مطلقا إلّا ما أخرجه الدليل ، وهو ما يكون حال التيمم خاصّة عنده.
إلّا أن نقول : بأنّ ما اختاره إنّما هو في صورة لا يوجب الغسل زيادة كون على نفس المرور ، وأنّ الأمر بالتيمم في هذه الصورة مجرّد تعبّد ، ولهذا تأمّل في اتّحاد حكم المحتلم مع الجنب بغير احتلام ، لكن عرفت أنّ تأمّله ليس بشيء ، فتأمّل جدّا!
وإن أراد من التمكّن من الغسل حين التيمم التمكّن بعد التيمم والخروج ، ففيه ، أنّه مع كونه بعيدا من عبارته ، معلوم أنّ من شرط التيمم للصلاة عدم التمكّن من استعمال الماء حين التيمم لا بعده بالبديهة.
الخامس : هذا الحكم مقصور في المسجدين ، أمّا سائر المساجد ، فلمّا لم يكن المرور فيها حراما ، لم يتوقّف على الطهارة.
وفي «الذكرى» حكم باستحباب التيمم للخروج منها ، لما فيه من القرب من الطهارة ، وعدم زيادة الكون فيها له ، على الكون له في المسجدين (١) ، وفيه ما لا يخفى.
__________________
(١) ذكرى الشيعة : ١ / ٢٠٧.