مع أنّ معرفة هذا البعض (١) لمذهبه ليس مثل معرفة الصدوق والشيخ والطبرسي وغيرهم من قدماء أصحابنا والمتأخّرين القائلين بالتفصيل أو الضربتين مطلقا.
هذا ، وغير ذلك ممّا يظهر بالتأمّل فيما ذكرنا يمنع عن الترجيح المذكور البتّة. مع أنّه ربّما عدّ روايات الضربة مجملة في جنب الضربتين ، مع أنّه لا شكّ في كونها أضعف دلالة بمراتب في جنب دلالتها ، وقد عرفت الوجه ، والله يعلم.
وممّا ذكر ظهر عدم استقامة حمل ما دلّ على الضربتين على استحباب الضربة الثانية ، لأنّ الأضعف يؤوّل حتّى يرجع إلى الأقوى ، لا العكس.
وإن بنى على أنّ الأقوى محمول على التقيّة ، فلا بدّ من طرحه وعدم العمل به أصلا ، كما ورد في الأخبار واقتضاه الاعتبار ، فلا وجه للحمل على الاستحباب.
وممّا ذكر ظهر أيضا عدم استقامة حمله على التقيّة ، دون ما دلّ على الضربة ، لاشتراك علّة الحمل ، كما ستعرف. سيّما مع تضمّنها أيضا لفظ «الوجه» و «اليد» وغيره ممّا يناسب العامّة ، مضافا إلى ضعف الدلالة.
فظهر من جميع ما ذكرنا عدم استقامة القول بالضربة الواحدة مطلقا من وجوه كثيرة.
فإن قلت : معظم العامّة على الضربتين مطلقا ، بل جميع فقهائهم ، فيكون الضربة الواحدة مطلقا حقّا.
قلت : في زمان صدور الروايات لم يكن جميعهم على الضربتين ، كما عرفت ، بل غير معلوم كون معظمهم كذلك في ذلك الزمان ، سيّما بحيث يكون الضربة مطلقا خلاف التقيّة فيه.
__________________
(١) أي : الطيّبي.