الأصحاب (١) ، وغير ذلك ممّا عرفت ، فإنّه عمل بالكلّ ، بخلاف القائل بعدم التفصيل ، فإنّه ترك الكلّ ، سوى ما دلّ على مذهب نفسه ، مع ما عرفت ما فيه من الإيرادات.
فإن قلت : إنّك بنيت على أنّ ما دلّ على الضربتين ورد تقيّة ، بل وجوّزت كون ما دلّ على الضربة أيضا كذلك. وأيضا وإن كان عمل بكلّ حديث في الجملة ، إلّا أنّه ترك العمل به أيضا في الجملة.
قلت : ما ورد تقيّة لا يقتضي أن يكون جميع ما فيه باطلا ، إذا الحديث حجّة بجميع ما تضمّنه يجب العمل به كذلك.
فإذا ظهر أنّ شيئا ممّا تضمّنه موافق للتقيّة ، لا يقتضي ذلك أن يكون غيره أيضا موافقا لها فضلا عن الجميع ، وما هو موافق للتقيّة ليس باطلا مطلقا ، بل هو حجّة في مقام التقيّة يجب العمل به أيضا في ذلك المقام ، وأين هذا من ترك العمل؟
ومن هذا نرى أنّ فقهاءنا ذكروا أحاديث سهو النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢) وغيرها ممّا هو في مقام التقيّة عندهم (٣) ، ولا يرضون بها إلّا في ذلك المقام ، ويجعلون ما تضمّنه ممّا لم يكن تقيّة حكما شرعيّا واقعيّا يعملون به في غير التقيّة أيضا ، وما يكون تقيّة حكما شرعيّا في حال التقيّة خاصّة ، ولا يعدّون شيئا منه باطلا متروكا.
إذا عرفت هذا ، فنقول : ما تضمّن ضربتين حجّة مطلقا بحسب الأصل يجب التمسّك به البتة ، إلّا أن يظهر مانع منه من الخارج.
والذي ظهر كونه تقيّة هو إطلاق مفيد للعموم والشمول لتيمّم الوضوء أيضا.
__________________
(١) انظر! وسائل الشيعة : ٢٧ / ١٠٦ الباب ٩ من أبواب صفات القاضي.
(٢) لاحظ! تهذيب الأحكام : ٢ / ٣٥١ ذيل الحديث ١٤٥٤ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٢٠٢ ذيل الحديث ١٠٤٢٦.
(٣) في (ف) و (ز ١) و (ط) زيادة : البتّة.