قلت : معنى كون الوضوء خاصة بضربتين : أنّ بدل الغسل بخصوص ضربة واحدة. وهذا خلاف المجمع عليه بين أمّة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بل خلاف ضروري الدين.
وكذا كون الغسل خاصة بضربة واحدة ، فتعيّن ما ذكرنا في كلّ خبر من أخبار الطرفين.
فإن قلت : إنّك بنيت الأمر على المسامحة في ذكر الضربة وترك الضربة الثانية ، وأشرت إلى قرائن تشير إليها ، وهنا بنيت على التقيّة.
قلت : مرادي من المسامحة أنّهم تركوا ذكر الضربة الثانية ، لعدم داع إلى التعرّض له ، أو لوجود مانع عنه أو لكليهما ، لكن هذا أيضا على قسمين :
الأوّل : كون اللازم الضربة الثانية أيضا مطلقا ، وأنّهم تركوا ذكرها ، كتقديم اليمين على اليسار ، والابتداء من الأعلى ، ونحوهما.
وقد ظهر لك فساد هذا القسم ، لأنّ هذه الأخبار لو كانت صريحة في الضربتين ، لكنّا نحملها على التقيّة البتة ، على حسب ما حملنا الصحاح المتضمّنة للضربتين ، فكيف نقدّر الضربة الثانية مطلقا في أخبار الضربة لتصحيحها والعمل بها؟
والثاني : أن يكون ترك ذكر كون الضربة الواحدة لخصوص الوضوء ، أو ترك ذكر كون بدل الغسل ليس كذلك ، أو ترك ذكر تعيين كون الضربة بعنوان الواحدة بخصوصها لأجل الوضوء بخصوصه ، وأمثال هذه الفروض ، فهو عين المطلوب.
وظهر عليك عدم استقامة الجمع بين الأخبار إلّا بما ذكر ، بل وعدم احتمال أخبار الضربة إلّا له ، فتأمّل جدّا!
وما مرّ من مفاسد الحمل على الاستحباب ، وارد في الحمل على التخيير أيضا ، مضافا إلى عدم قائل بهما ، كما عرفت الأقوال.