والقطع بوجوب الواجب للغير في الوقت الذي لم يجب ذلك الغير فيه ، فلا مقتضي لما ذكره الفاضلان ومن وافقهما (١) أصلا ، لما عرفت من أنّ مقتضى الأخبار هو وجوب الغسل له والإصباح متطهّرا.
فإن قلت : عند الضيق يحصل الظن القوي بإدراك المشروط بالغسل.
قلت : لا شكّ في أنّه في أوّل الليل أيضا يحصل الظن القوي ، بل ربّما كان الظن في أوّل الليل أقوى من الظن في آخره بسبب عروض العوارض ، مع أنّه ربّما كان الظن الحاصل لبعض الناس في الضيق أضعف بمراتب من الحاصل لبعض في أوّل الليل.
مع أنّك عرفت أنّ مقتضى الأخبار الوجوب من حين صدور الجنابة مثلا إلى الطلوع مقدما عليه بمقدار فعله. فالمقتضي موجود والمانع مفقود ، إذ ظن البقاء يكفي لقصد الوجوب ، وإلّا لما جاز لنا قصد وجوب الصوم والحجّ وأمثالهما ، ممّا لا نعلم البقاء إلى آخر الحياة ، فتأمّل!
فإن قلت : إذا صحّ ما ذكرت ، فلم ما قلت بوجوب الوضوء مثلا للصلاة بمجرّد صدور الحدث وعنده إلى أن يتضيّق وقت الصلاة؟ كما اختاره بعض المحقّقين (٢) ، فيكون ما ذكرت جمعا بين ما دلّ على الوجوب عند صدور الحدث والوجوب للغير.
قلت : لأنّه ورد هناك : «إذا دخل الوقت وجب الطهور والصلاة» (٣) ، وغير ذلك ممّا مر ، فتذكّر فتدبّر.
__________________
(١) شرائع الإسلام : ١ / ١١ ، نهاية الإحكام : ١ / ٢١ ، قواعد الأحكام : ١ / ٢ ، كشف اللثام : ١ / ١٣١.
(٢) منهم الأردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان : ١ / ٦٧ و ٦٨.
(٣) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٢ الحديث ٦٧ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ١٤٠ الحديث ٥٤٦ ، وسائل الشيعة : ١ / ٣٧٢ الحديث ٩٨١.