ورواية عمرو بن أبي المقدام : «فضرب بيديه [على] الأرض ، ثمّ رفعهما ونفضهما» (١) ، وغيرهما من الأخبار ، لإطلاق تلك الأخبار في الأمر بالنفض ، لا أنّه إن اتّفق العلوق نفض وإلّا فلا.
وبالجملة ، لا شكّ في توهّم النسبة المذكورة إلى المشهور ، بل ربّما يظهر من التأمّل في عباراتهم أنّهم يعتبرون العلوق من الجهة التي اشير إليها ومن غيرها ، مثل ما قالوا في كيفيّة التيمّم بالطين ، مع عدم القول بالفصل ، وغير ذلك.
وأمّا الأدلّة عليه ففي غاية الكثرة ، مثل قاعدة البدليّة وعموم المنزلة ، وكون العبادات توقيفيّة ، ولا يخرج عن عهدتها إلّا بما علم ، لا بما احتمله ، سيّما إذا كان الاحتمال مرجوحا.
ويدلّ عليه ظاهر الآية ، لأنّ الظاهر كون «من» للتبعيض ، لأنّ المتبادر من قول : «مسحت رأسي من الدهن» ، وأمثال هذه العبارات التبعيض ، وأنّه مسح شيئا من الدهن وأمثاله برأسه. ولذا اختاره في «الكشّاف» (٢) ، وخالف الحنفية القائلين بعدم اشتراط العلوق ، مع توغّله في متابعتهم وتهالكه في نصرتهم. وجعله بمعنى الابتداء أو البدل خلاف الظاهر ، كما عرفت.
ويدلّ عليه أيضا صحيحة زرارة في تفسيرها ، وكون الباء فيها للتبعيض ، لأنّه عليهالسلام قال : «فلمّا [أن] وضع الوضوء عمّن لم يجد الماء أثبت بعض الغسل مسحا ، لأنّه قال (بِوُجُوهِكُمْ) ثمّ وصل بها (وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ) أي من ذلك التيمّم ، لأنّه علم أنّ ذلك أجمع لم يجر على الوجه ، لأنّه يعلق من ذلك الصعيد ببعض
__________________
٣ / ٣٦٢ الحديث ٣٨٧٣.
(١) تهذيب الأحكام : ١ / ٢١٢ الحديث ٦١٤ ، الاستبصار : ١ / ١٧١ الحديث ٥٩٤ ، وسائل الشيعة : ٣ / ٣٦٠ الحديث ٣٨٦٦.
(٢) تفسير الكشّاف : ١ / ٥١٥.