ومن ملاحظة جميع ما ذكرنا ، ظهر أنّ القول الثاني أضعف الأقوال. وأقوى أدلّته ما ورد في الصحيح من أنّ إمام قوم أصابته جنابة وليس معه ماء يكفيه للغسل أنّه يتيمّم ويصلّي بهم ، إنّ الله جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا (١).
فإنّ حملها على إيجابه على المأمومين جميعا تأخيرهم الصلاة إلى ضيق الوقت حتّى يصلّوا مع الإمام بعيد جدّا ، سيّما بملاحظة ما في الصحيحة من سؤال الراوي أيتوضّأ بعضهم ويصلّي بهم؟ قال : «لا ، ولكن يتيمّم الجنب ويصلّي بهم» (٢).
وحملها على وقوع صلاة الكلّ في ضيق الوقت بحسب الاتّفاق والموانع الخارجة بعيد أيضا غاية البعد ، إلّا أنّ الظاهر منها حال السفر بلا شبهة ، ووقوع صلاة الكلّ في وقت الضيق في السفر بسبب سير القافلة ، ليس بذلك البعيد ، أو أنّ الإمام يتيمّم في أوّل الوقت من جهة ارتحال القافلة ويصلّي بهم ، لأنّهم في الطريق ربّما لم يتمكّنوا من القيام والاستقرار والركوع والسجود ، وغير ذلك.
ولا شكّ في أنّ مراد المجمعين والقائل بالأوّل حال الاختيار والتمكّن من الصلاة بواجباتها.
ومضى عن «الدروس» أيضا ما عرفت (٣).
هذا ، مضافا إلى أنّ تأخير الصلاة لدرك فضيلة الجماعة مندوب مسلّم ، وكذا مراعاة الإمام الراتب فتأمّل جدّا ، مع احتمال التقيّة أيضا.
__________________
(١) الكافي : ٣ / ٦٦ الحديث ٣ ، من لا يحضره الفقيه : ١ / ٦٠ الحديث ٢٢٣ ، تهذيب الأحكام : ١ / ٤٠٤ الحديث ١٢٦٤ ، وسائل الشيعة : ٣ / ٣٨٦ الحديث ٣٩٤١.
(٢) الكافي : ٣ / ٦٦ الحديث ٣ ، من لا يحضره الفقيه : ١ / ٦٠ الحديث ٢٢٣ ، تهذيب الأحكام : ١ / ٤٠٤ الحديث ١٢٦٤ ، وسائل الشيعة : ٣ / ٣٨٦ الحديث ٣٩٤١.
(٣) راجع! الصفحة : ٣٧٠ من هذا الكتاب.