يرحمك الله ، فإن كان ما تعمل ذكيّة فلا بأس» (١).
وموثّقة سماعة قال : سألته عليهالسلام عن جلد الميتة المملوح وهو الكيمخت ، فرخّص به وقال : «إن لم تمسّه فهو أفضل» (٢).
ولا يخفى أنّ الاولى ضعيفة والثانية موثّقة ، مطابقتان لمذهب العامّة ، ومخالفتان للأصول ، كما عرفت ، فكيف تعارضان الصحّاح المطابقة لمذهب الشيعة ، المخالفة لمذاهب العامّة ، الموافقة للأصول.
ومع ذلك غير خفيّ على المتأمّل أنّ جلود الحمر الأهليّة والبغال في الألسن مشهورة كونها ميتة على سبيل المظنّة ، بناء على ندرة وجدان ذبحهما عند الموت ، وعدم ذبحهما حال الصحّة ، وعدم الاطّلاع عليه حال المشارفة للموت.
ينادي بذلك قوله : «لا يجوز في أعمالنا غيرها» ، للعلم العادي بعدم مدخليّة الموت في ذلك ، وأنّ الذي لا يجوز في غيره عادة هو الكيمخت ، لأنه الذي يجعل للسيوف عادة.
ينادي بذلك ما في الموثّقة من تفسير جلد الميّت بالكيمخت ، وقوله : صعب ذلك عليّ فصرت أعملها من جلود الحمر الوحشيّة الذكيّة. إذ يظهر منه جواز الذكيّ أيضا في إعماله ، بل وأولويّته ، وأنّ الذكيّ منه جلود الحمر منحصرة (٣) عنده في الوحشيّة ، مع العلم بأنّه لا مدخليّة للموت في الجواز في الإعمال.
وبالجملة ، لا تأمّل في أنّ المراد لا يجوز في أعمالنا غير جلود الحمير والبغال ،
__________________
(١) الكافي : ٣ / ٤٠٧ الحديث ١٦ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٣٥٨ الحديث ١٤٨٣ ، وسائل الشيعة : ٣ / ٤٨٩ الحديث ٤٢٥٨.
(٢) تهذيب الأحكام : ٩ / ٧٨ الحديث ٣٣٣ ، الاستبصار : ٤ / ٩٠ الحديث ٣٤٤ ، وسائل الشيعة : ٢٤ / ١٨٦ الحديث ٣٠٣٠٦.
(٣) في (د ١) وبعض النسخ : منحصر.