لكن لا بدّ فيه من تأمّل ، إذ على هذا لا تكون التذكية شرطا ، بل ولا الموت أيضا مانعا ، وسيجيء تمام التحقيق في موضعه.
والأولى التمسّك بالموثّقة كالصحيحة ، بل هي أولى من أكثر الصحاح بالحجيّة لإجماع العصابة ، ولكونها مستند الشيعة في المسألة الضروريّة بينهم ، وللموافقة للأخبار الصحاح والمعتبرة ، وغير ذلك ما سيجيء في موضعه ، مع عدم القائل بالفصل ، مع أنّ الموثّقين حجّة ، كما حقّق في محلّه.
ويرد على المصنّف أيضا أنّ الميّت والميتة في اللغة والعرف العام وغيرهما في مقابل الحيّ بلا شبهة ، يعني ما زال حياته وخرج روحه ، كما دلّ عليه العلّة المنصوصة في صحيحة الحلبي ، وتنقيح المناط الذي ذكر ، وغير ذلك ممّا مرّ ، واعترف به المصنّف في ما لا تحلّه الحياة ، حيث علّل طهارته بعدم صدق الموت ، والتذكية أمر شرعي يتوقّف ثبوته من الشرع.
وفي اصطلاح المتشرّعة تكون الميتة في مقابل المذكّى شرعا إذا كانت من شأنها أن تذكّى ، فإذا أطلقوا لفظ «الميتة» ينصرف إلى الأفراد الشائعة عندهم ، وهي التي لم يقع عليها التذكية ، وإن وقع من سطح فمات ، أو أكل ما قتله أو غير ذلك ، بل وإن قتله إنسان أو غيره ، بنحو ممّا ذكر.
فإنّ قوله : «إذا غلب الماء على ريح الجيفة». إلى آخره. يدعون تبادر غير المذكّى ، لا ما مات حتف أنفه ، ولم يمت من أكل ما يقتله وأمثاله ممّا يكون عدمه شرطا في التذكية شرعا.
لا يقال : في «صحاح اللغة» و «القاموس» : أنّ الميتة ما لم تقع عليها الذكاة ، وأنّ التذكية الذبح (١).
__________________
(١) الصحاح : ١ / ٢٦٧ ، القاموس المحيط : ١ / ١٦٤.