وأبي حنيفة في الوكيل بشراء الطعام ، هل يختصّ بالحنطة أو بها وبدقيقها؟ قال الأقطع : الأصل في ذلك أنّ الطعام المطلق اسم للحنطة ودقيقها (١).
مع أنّك عرفت التفسير عن أهل البيت عليهمالسلام ، بل عرفت أنّه ليس بتفسير ، بل هو المطابق لظاهر الآية من لفظ «الطعام».
وما ذكر من أنّ الحبوب ونحوها داخلة في الطيّبات ، ففيه أنّه من أين علم أنّه من الطيّبات؟ مع أنّه في الظن مباشرتهم للرطوبة ، بل تهمة المباشرة لا شبهة فيها ، وهي تكفي للتأمّل وعدم العلم بكونها من الطيبات.
وكون الأصل في الأشياء الطهارة حتّى تعلم خلافه ، إنّما ظهر ذلك على الفقهاء من الأدلّة التي وصلت إليهم.
ومع ذلك في كثير من المقامات ورد حديث أو آية تدلّ على الطهارة.
بل الرواة ما كانوا يعرفون ، ولذا كانوا يسألون ، ومن هذا ما سألوا عن خياطة اليهودي والنصراني وأمثاله مثل الثوب الذي يشترى ولم يعلم ممّن هو؟ وغير ذلك ممّا لعلّه لا يخفى.
وأيضا من جملة أسباب عدم بداهة حلّية طعامهم عدم معلوميّة كيفيّة كسبهم ، وأنّه بعنوان الحلّية أو الحرمة ، لأنّهم لا يتشرّعون بشرعنا ، ولا يحلّلون حلالنا ولا يحرّمون حرامنا ، ولا يمشون على طريقنا وأحكامنا.
وأيضا ربّما كان أكل طعامهم مورثا للميل والموادة المنهي عنها ، ولذا قال : (وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ) ، إلى غير ذلك من أسباب عدم معلوميّة الطيب في صدر الإسلام ، وزمان تغيّر الأحكام وجريان النسخ ، وبقاء التزلزل وعدم الانقطاع على أمر.
__________________
(١) نقل عنهما في منتهى المطلب : ٣ / ٢٢٤ مع اختلاف يسير.