وأيضا ربّما كانت هذه الأموال في أيديهم من الله ، أو من الإمام عليهالسلام ، أو المسلمين ، أو ممّن أخذوا منه.
وفي أمثال زماننا إذا صار الحكم معروفا مضبوطا ، لا يلزم أن يكون في بدو الأمر أيضا كذلك ، وإلّا لزم بطلان جميع أدلّتنا على الأحكام الشرعيّة الثابتة علينا.
مع أنّ البديهيّات التي لا خفاء في بداهتها الآن قد كثر ورودها في الأخبار بحيث لا يكاد يحصى. ومن ذلك قوله تعالى (أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ) (١) وقوله تعالى (وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ) (٢) إلى غير ذلك.
هذا كلّه ، مع عدم معلوميّة معنى «الطيّبات» الآن لنا حتّى نعترض بأمثال هذه الاعتراضات ، على أنّ ما باشروه برطوبة إن كان داخلا في الطيّبات ، فلا وجه لذكره على حدة ، وإلّا لكان خبيثا ، فكيف يكون حلالا؟ فما هو جوابكم فهو جواب الخصم.
وأمّا وجه التخصيص بأهل الكتاب ، فلأنّ أهل المدينة كانوا أهل الكتاب ، ولغير ذلك من الوجوه التي ذكرت في مقام المنع عن حجّية مفهوم الوصف ، وهو وغيره مسلّمون لعدم حجّية أمثال هذا المفهوم ، محتجّين بأنّ إثبات الشيء لا ينفي ما عداه.
وما ذكره المستدلّ هو بعينه متمسّك من يقول يكون مفهوم الوصف حجّة.
مع أنّه لو كان المراد أعم ممّا باشروه برطوبة ، لا جرم يكون المراد أعم ممّا باشروه برطوبة نجسة ، مثل الخمر ، وأثر رطوبات الخنزير ، أو البول والمني ، أو غير ذلك.
وكذا إذا كان المراد من الطعام أعمّ من الحنطة يشمل الميتة وغيرها ممّا هو
__________________
(١) المائدة (٥) : ٥.
(٢) المائدة (٥) : ٥.