طعامهم ، والتخصيص خلاف الأصل والظاهر ، سيّما بهذا القدر (١).
على أنّه لو كان المراد إظهار طهارتهم ، فلا وجه لذكر الطعام والتخصيص به ، فيظهر منها أنّ غير الطعام ليس كذلك ، فدلالتها على النجاسة أظهر.
مع أنّ ذكر الطعام لا يظهر منه إلّا كونه من حيث إنّه طعام ، كما يفهم أهل العرف والذهن السليم.
وأمّا كونه باشره رطوبة منهم على سبيل اليقين ، وأنّ المراد إظهار خصوص حال حصول ذلك اليقين لا غير ، لأنّ الغير على زعمه داخل في الطيّبات بحيث لا يجوز ذكره ثانيا. ففيه ما فيه ، لأنّ ما ذكر ليس من المقصود في شيء ، لأنّ الطعام من حيث إنّه طعام حلّيته لا حاجة إلى ذكرها على توهّم المستدلّ ، بل من حيث احتمال عروض الرطوبة ، بل وظنّ عروض الرطوبة أيضا لا حاجة إلى الذكر ، لظهور ذلك من الخارج ، ولعدم الاختصاص بأهل الكتاب.
فيظهر من كلامه أنّ الغرض من الآية ليس إلّا إظهار حكم خصوص العلم بالمباشرة بالرطوبة ، وأنّ المقصود إظهار طهارتهم من حيث هي هي ، وإظهار غير هذه الحالة لا وجه له.
ففيه ما ذكرنا أنّ ما هو المقصود لم يتعرّض لذكره أصلا ، وما تعرّض لذكره ليس من المقصود في شيء ، وفيه ما فيه.
مع أنّ الظاهر من قوله تعالى (وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ) أنّ المراد أهل الذمّة من أهل الكتاب ، فإنّ أهل الحرب منهم يحرم عليهم أن يأكلوا طعام أهل الإسلام ، فضلا عن المشركين من أهل الحرب ، فيصير وجها للتخصيص بأهل الكتاب.
وإن قال بعدم الاختصاص بأهل الكتاب ، بل هو حلال على أهل الحرب
__________________
(١) في (د ١ ، ٢) و (ف) و (ز ١) و (ط) زيادة : مع عدم قرينة في المقام بخلاف ما إذا كان المراد ما ذكرنا.