بأقوالهم (١). وهذا ممّا لا سبيل إليه في زماننا وما شابهه.
هذا ، مضافا إلى أنّه وغيره من محقّقي المتأخّرين يدّعون الإجماع في كثير من المسائل على وجه الاعتداد والاعتماد ، فإذا كان في زمانهم يحصل العلم ، ففي زمان الناقلين بطريق أولى ، كما لا يخفى.
هذا ، مع أنّ ما ذكره شبهة في مقابل البديهة ، كما حقّق ، كيف لا؟ وضروريّات الدين والمذهب لا يحصل العلم بهما من حيث الفطرة ، كما هو ظاهر ، بل بالحدس الحاصل من ملاحظة المسلمين والمؤمنين بلا شبهة ، مع أنّ الوجه وارد فيهما أيضا.
وبالجملة ، إذا كان المنشأ لحصول العلم الحدس ، فكما أنّه يحصل في الضروريات من دون شبهة فكذا يحصل في النظريات ، بل بطريق أولى.
سلّمنا ، ولكن يجوز نقله عن الغير إلى أن يتّصل بزمان يمكن فيه ذلك.
وما اجيب عنه بأنّ ذلك يخرج الخبر من الإسناد إلى الإرسال ، وهو ممّا يمنع العمل به ، كما حقّق في محلّه (٢) ، فيه ما فيه ، إذ الوسائط في نقل الإجماع إنّما هم الفقهاء الفحول والأجلّة ، إذ ليس ذلك شأن غيرهم بلا شبهة ، فالخبر في حكم المسند الصحيح.
هذا ، وما ذكرناه بعد التسليم من جواز النقل عن الغير. إلى آخره في المقام ، إنّما هو مماشاة مع الخصم ، وإلّا فلا ريب أنّ الناقلين للإجماع في المقام عباراتهم صريحة في دعواهم الاطّلاع بأنفسهم على الإجماع ، من دون كون ذلك بوساطة أحد من الوسائط ، كما لا يخفى على من لاحظ عباراتهم ، ولو كان اطّلاعهم بمعونة الواسطة لما كان لهم الإتيان بأمثال هذه العبارات ، بل عليهم نسبة النقل إلى
__________________
(١) مدارك الأحكام : ١ / ٢٧٥.
(٢) مدارك الأحكام : ١ / ٢٧٥.