الجنابة ونظائرها وإن كان قبل دخول وقت الفريضة وفعل بنيّة الاستحباب أو القربة من دون رفع الحدث أو الاستباحة ، كما عرفت.
ولا يجب كون الوضوء أو الغسل لمثل الجنابة أن يكون بنيّة الوجوب حتّى يصح الدخول به في الفريضة ، إذ ظاهر الأصحاب اتّفاقهم على صحّة الدخول في الفريضة بالوضوء المندوب والغسل المندوب إذا كان لرفع مثل الجنابة ، إلّا أنّه في الوضوء المندوب اعتبر بعضهم كونه لأجل الصلاة وإن كانت مندوبة (١).
فما اشتهر من المحتاطين من أنّهم ينذرون صلاة أو شيئا مع الطهارة إذا كانت طهارتهم قبل دخول وقت الفريضة من الصلاة كي تجب تلك الطهارة وتفعل بقصد الوجوب لأجل الدخول بها في الفريضة بعد دخول وقتها ممّا لا وجه له أصلا ، ولا منشأ له مطلقا ، لما عرفت من وفاق الأصحاب.
وعرفت أيضا سابقا من وضوح دلالة الأدلّة على صحّة الدخول في الفريضة بالوضوء المستحب لأجل الصلاة المستحبّة وغسل مثل الجنابة ، بل تصحّ الطهارة الواقعة لأجل التأهّب للفريضة قبل دخول وقتها بلا تأمّل ولا شبهة.
بل ورد : «ما وقّر الصلاة من أخّر طهارتها حتّى دخل الوقت» (٢) ، بل ربّما لم يتمكّن المكلّف من الطهارة بعد دخول وقت الفريضة أو يظن عدم التمكّن أو يخاف منه ، وهو متمكّن منها قبل الدخول ، فحينئذ يجب عليه الطهارة قبل دخول وقت الفريضة من باب المقدّمة ، ولو لم يفعل يكون مؤاخذا معاقبا بحسب الظاهر.
والمراد من الوجوب في قولهم عليهمالسلام : «إذا دخل الوقت وجب الطهور والصلاة» (٣) الوجوب الشرعي لا من باب المقدّمة ، مع أنّ الإطلاق منصرف إلى
__________________
(١) المبسوط : ١ / ١٩ ، السرائر : ١ / ١٠٥ ، جامع المقاصد : ١ / ٢٠٧.
(٢) وسائل الشيعة : ١ / ٣٧٤ الحديث ٩٨٥.
(٣) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٢ الحديث ٦٧ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ١٤٠ الحديث ٥٤٦ ، وسائل الشيعة :