الثاني ـ منافاته للإخلاص المعتبر في العبادة.
وفيه أنه أخص من المدعى لاختصاصه بالتعبدي من الواجبات ومنقوض
__________________
أيضا ، بالفرق بين ما كان المطلوب منه دفع الضرر أو حصول النظام ، وغيره مما ليس كذلك كوجوب إزالة النجاسة من المسجد مع الانحصار ، وتحصيل ما ليس بعبادة من مقدمات العبادة ، كتحصيل الطهور والساتر وتطهيره لأجل الصلاة. ووجه الفرق : أن سبب الوجوب في القسم الأول ـ وهو حصول النظام ودفع الضرورة ـ يقتضي الوجوب بحيث يتأتى به الانتظام ويندفع به الاحتياج ، وليس ذلك إلا بأخذ الأجرة ، فيقتضي جواز الأجرة فيه ، لأن المنع منه يوجب اختلال النظام وإبقاء الاحتياج ، ويلزم منه عدم الوجوب فيها ، ولذا جاز الامتناع عن العمل هنا ـ بدون الأجرة ، بخلاف القسم الثاني ، فإنه يجب فيه حصول الفعل مطلقا ـ ولا يسقط التكليف به مع الامتناع عن الأجرة. ومن ثم انتفى الاستحقاق فيه ولم يجز أخذ الأجرة عليه.
أما المندوب ، فان كان عبادة لم يجز أخذ الأجرة عليه ، لمنافاته الإخلاص المعتبر فيها ـ كما مر ـ والاجاز مطلقا (١) ـ كفائيا كان أم
__________________
(١) وأما جواز الاستيجار في مقدمات العبادات إذا كانت غير عبادة كتحصيل الطهور وتحصيل الساتر وتطهير الثوب والبدن ، فلكونها من قبيل القسم الثالث ، إذ المطلوب من المصلي تحصيل الطهور مثلا كيف اتفق ، سواء كان بالمباشرة أم بالنيابة ، وكذا في غيرها».
(منه)