عن بعض دعوى عدم الخلاف فيه وعن غير واحد حكاية الإجماع عليه وان كنا لم نتحققه على هذه الكلية.
ولا يخفى عليك عدم اختصاص النزاع بعقد الإجارة كما يتوهم من أخذهم الأجرة في عنوان المسألة بل يعم سائر عقود المعاوضات مما وقع بذل المال فيه بدلا وعوضا عن الواجب بعنوان المعاوضة والمعاملة عليه. نعم
__________________
استيجار العامل عليه ، ولم تكن مقهوريته على الجهة الأولى منه موجبة لسلب ماليته وعدم صحة الإجارة عليه.
وببيان أوضح : إن ما يلزم صدوره وتحققه من عمل المكلف قد يكون من جهة كونه متعلقا لأمر إلزامي من الشارع المقدس ، وبما أن أمر المولى وتكليفه إنما يتعلق بذات العمل ونفسه ويكون المكلف ملزما به ومقهورا عليه فلا يكون مملوكا له ومقدورا عليه ، فان حقيقة ملكية العمل والقدرة عليه ، كون كل من فعله وتركه تحت اختيار العامل ولم يكن ملزما بأحدهما.
وعليه ، فلا يصح تعلق الإجارة بما ألزم بفعله ، كما لا يصح تعلقها بما ألزم بتركه ، فأكل المال بإزائه أكل له بالباطل.
هذا إذا كان نفس العمل وذاته متعلقا لأمر إلزامي من الشارع وأما إذا لم يكن العمل متعلقا لأمر إلزامي منه ، بل كان مما يتوقف عليه نظم البلاد ، فحيث أن النظام إنما يستقيم بإيجاد العمل وبذله ، والاختلال يحصل باحتكاره وحبسه ، والضرورة تقدر بقدرها ، فاللازم على العامل بذله ، والممنوع منه حبسه ، وأما كون ذات العمل بنحو التبرع والمجانية فهو التزام بلا إلزام ، وعليه فلزوم بذله لا يوجب سلب ماليته ، فيجوز أخذ الأجرة عليه ممن استأجره على ذات العمل ونفسه ، وكما يجب على التاجر عند المخمصة بذل ما عنده من الطعام ويحرم عليه احتكاره ، ولا يلزمه حينئذ التبرع به وبذله ـ مجانا ـ بل له بيعه وأخذ ثمنه من المشتري فكذلك