منك بجلالة ذلك المقام كنت كانك تخاطب ملكا من ملوك الدنيا في حاجة إليه وظهرك إليه.
اما تعلم انك إذا خاطبت الملوك وظهرك إليهم أو انت مشغول عنهم بالغفلة والتهوين بهم عن الاقبال عليهم فانك تعلم انك تستحق ان يكون جوابك منهم ان يخرجوك من حضرتهم مطرودا عن رحمتهم مصدودا وربما لو حملوك إلى الحبوس وزيادة البؤس اعتقدت ان الذنب لك فيما يجرى عليك منهم من النكال.
ورأيت مع ان الذنب منك انك مستحق للمؤاخذة على ما وقع منك من الاهمال فلا يكون عندك حرمة مالك الدنيا والاخرة اقل من حرمة الملوك الذين هم مماليكه في هذه الدنيا الحقيرة الداثرة وإذا تأخرت عنك اجابة الدعوات وانت على ما ذكرناه من الغفلات فالذنب لك وقد احسن الله جل جلاله اليك كيف عفى لك عن عقاب تلك الجنايات.
واياك ان يخطر بقلبك أو تقول بلسانك كما تسمع من بعض الغافلين الذين ما دخل في قلبهم حقيقة الايمان والدين فيقولون قد دعونا الله وما نرى الاجابة كما ذكر في القرآن.
ويقولون هذا على سبيل الاستزادة وكان الله جل جلاله عندهم قد اخلف وعده باجابة الدعاء وهذا كالكفر عند اهل الايمان فانهم لو كانوا عارفين بالله جل جلاله على اليقين ما اقدموا على ان يقولوا بحضرته المذهلة للالباب انك وعدتنا باجابة الدعاء واخلفتنا في الجواب وانما هذا قولهم بذلك على انهم ما كانوا عند الدعاء عارفين أو ما كانوا ذاكرين عند المواقفة منهم لله جل جلاله انهم بحضرة مالك الدنيا والدين وهؤلاء اهل