وقال السيّد شبّر :
«اعلم أنّه لا خلاف بين كافّة المسلمين في أنّ الكفّار الذين تمّت عليهم الحجّة مخلّدون في النار وفي العذاب» (١).
وبذلك تعرف بدليل الكتاب والسنّة والاجماع أنّ المؤمنين مخلّدون في الجنان ، وأنّ الكفّار بمن اندرج فيهم جميعاً والمنافقين مخلّدون في النيران (٢).
ويحسن التنبيه هنا على نكتة في المقام نافعة للمرام وهو بيان وجه الخلود ، يعني لِمَ يخلّد أهل الجنّة في الجنّة وأهل النار في النار مع انّ عملهم في الدنيا كان محدوداً مؤقتاً؟
والجواب :
أوّلاً : أنّ خلود أهل الجنّة لطفٌ وفضلٌ وإحسانٌ من الله تعالى ولا شك في حسنه.
وخلود أهل النار هو للكافر والمنافق ـ كما عرفت ـ للاستحقاق ممّن لم يُبقوا لأنفسهم بجحودهم مجالاً للتفضل عليهم حتّى يدخلوا الجنّة كما قال تعالى :
(بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (٣).
ثانياً : انّ خلود كلا الفريقين وأبديّتهما في الجنّة والنار بواسطة أبديّة نيّتهما في الخير والشرّ ، فيجزون بنيّتهما كما يستفاد من حديث أبي هاشم المتقدّم.
__________________
(١) حقّ اليقين : ج ٢ ، ص ١٧٨.
(٢) وبذلك يظهر فساد دعوى عدم الخلود ، أو انقلاب العذاب عذباً ، أو حسن العذاب وحسن نار جهنم بتوجيه ودعوى أن حرارة نار جهنّم توجب نضج فواكه الجنّة وما شابه ذلك من أباطيل تلاحظها في فصوص الحكم : ص ٧١٨ ، والأسفار : ج ٩ ، ص ٣٦١ ، والفتوحات المكيّة : ج ٢ ، ص ١٦١ ، كما نقله عنها أيضاً في سدّ المفر : ص ٤٨٣.
وكيف تتلائم هذه الدعاوي مع قوله تعالى : «لا يُخفّف عنهم العذاب» وقوله : «وما هم بخارجين من النار» وقوله : «كلّما خبت زنادهم سعيراً»؟!
(٣) سورة البقرة ، الآية ٨١.