وكان السيد جميل الوجه رحب الجبهة ، عريض ما بين السالفين ، فبدت في وجهه نكتة سوداء مثل النقطة من المداد ، ثم لم تزل تزيد وتنمي حتى طبقت وجهه بسوادها.
فاغتم لذلك من حضره من الشيعة ، وظهر من الناصبة سرور وشماتة ، فلم يلبث بذلك إلا قليلاً حتى بدت في ذلك المكان من وجهه لمعة بيضاء فلم تزل تزيد أيضاً وتنمي حتى أسفر وجهه وأشرق.
وافتر السيد ضاحكاً مستبشراً فقال :
كذب الزاعمون أن علياً |
|
لن ينجي محبه من هنات |
قد وربي دخلت جنة عدن |
|
وعفا لي الإله عن سيئاتي |
فأبشروا اليوم أولياء علي |
|
وتوالوا الوصي حتى الممات |
ثم من بعده تولوا بنيه |
|
واحداً بعد واحدٍ بالصفات |
ثم أتبع قوله هذا : أشهد أن لا إله إلا الله حقاً حقاً ، وأشهد أن محمداً رسول الله حقاً حقاً ، وأشهد أن علياً أميرالمؤمنين حقاً حقاً ، أشهد أن لا إله إلا الله : ثم أغمض عينه لنفسه فكأنما كانت روحه زبالة طفئت أو حصاة سقطت.
قال : علي بن الحسين : قال لي أبي الحسين بن عون : وكان أذنيه حاضراً فقال : الله أكبر ما من شهد كمن لم يشهد ؛ أخبرني وإلا صمتا الفصيل بن يسار ، عن أبي جعفر وعن جعفر عليهما السلام أنهما قالا : حرام على روح أن تفارق جسدها حتى ترى الخمسة : محمداً وعلياً وفاطمة وحسناً وحسيناً بحيث تقرّ عينها ، أو تسخن عينها ، فانتشر هذا الحديث في الناس فشهد جنازته والله الموافق والمفارق» (١).
__________________
(١) البحار : ج ٦ ، ص ١٩٢ ـ ١٩٣.