قال العطوي : فالتفت إليّ يحيى بن أكثم فقال : جوابه في هذا عليك. قال : وكان العطوي من أهل الجدل فقلت : نعم أعزّ الله القاضي ، الجواب عليّ : ثم أقبلت على إسحاق فقلت : يا أبا محمد أنت كالفراء والأخفش في النحو؟ قال : لا ، قلت : أفأنت في اللغة وعلم الشعر كالأصمعي وأبي عبيدة؟ قال : لا ، قلت : أفأنت في الأنساب كالكلبي وأبي اليقظان؟ قال : لا ، قلت : أفأنت في الكلام كأبي الهذيل والنّظام؟ قال : لا ، قلت : أفأنت في الفقه كالقاضي؟ قال : لا ، قلت : أفأنت في قول الشعر كأبي العتاهية وأبي نواس؟ قال : لا ، قلت : فمن هاهنا نسبت إلى ما نسبت إليه لأنه لا نظير لك فيه ولا شبيه وأنت في غيره دون رؤساء أهله. فضحك وقام فانصرف ، فقال لي يحيى بن أكثم : لقد وفّيت الحجة حقّها ، وفيها ظلم قليل لإسحاق. وإنه لممن يقل في الزمان نظيره.
قال (١) : وقرأت على الحسن بن علي الجوهري ، عن أبي عبيد الله المرزباني قال : أخبرني محمد بن يحيى ، نا محمد بن عبيد الله الحزنبل قال : ما سمعت ابن الأعرابي يصف أحدا بمثل ما يصف به إسحاق من العلم والصدق والحفظ وكان كثيرا مما يقول : أسمعتم بأحسن من ابتدائه في قوله :
هل إلى أن تنام عيني سبيل |
|
إن عهدي بالنوم عهد طويل؟ |
هل تعرفون من شكا نومه بمثل هذا اللفظ الحسن.
قال (٢) : وقال محمد بن يحيى سمعت إبراهيم بن إسحاق الحربي يقول : كان إسحاق الموصلي ثقة صدوقا عالما ، وما سمعت منه شيئا ، ولوددت أني سمعت وما كان يفوتني منه شيء لو أردته. قال محمد : وسمعت أحمد بن يحيى النحوي يقول نحو هذا القول.
قال الخطيب (٣) : وحدثني علي بن المحسّن قال : وجدت في كتاب جدي علي بن محمد بن أبي الفهم التّنّوخي ، نا الحرمى بن أبي العلاء ، نا أبو خالد يزيد بن محمد المهلّبي قال : سمعت إسحاق الموصلي يقول : لما خرجنا مع الرشيد إلى الرّقّة قال لي
__________________
(١) تاريخ بغداد ٦ / ٣٤٣.
(٢) تاريخ بغداد ٦ / ٣٤٣.
(٣) تاريخ بغداد ٦ / ٣٤٠ ومختصرا في الأغاني ٥ / ٣٠٢.