جعفر العدل ، أنا عبد الله بن جعفر بن درستويه أنشدنا المبرّد لأبي يعقوب الخريمي (١) :
ألم ترني أبني على اللّيث بيته |
|
وأحثي عليه التّرب لا أتخشّع |
ولو شئت أن أبكي دما لبكيته |
|
عليه ولكن ساحة الصبر أوسع |
وأعددته ذخرا لكلّ عظيمة (٢) |
|
وسهم المنايا بالذخائر مولع |
وإنّي وإن أظهرت منّي جلادة |
|
وصانعت أعدائي عليك لموجع |
أخبرنا أبو سعد بن البغدادي ، أنا أبو عمرو بن مندة ، أنا الحسن بن محمد ، أنا أبو الحسن اللّنباني ، أنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال : وقال أبو يعقوب الخريمي في ابن له (٣) :
أعاذل كم من منفس قد رزئته |
|
وفارقني شخص عليّ كريم |
وقاسيت من بلوى زمان وكربة |
|
وودّعني من أقربي حميم |
فعزّيت نفسي غير أنّي بأحمد |
|
بنيّ مسلوب العزاء سقيم |
أرى الصّبر عنه جمرة مستكنّة |
|
لها لهب في القلب ليس يريم |
وخطّ خيال منه يعتاد مضجعي |
|
له كرب ما تنجلي وغموم |
وآثاره في البيت حيث توجّهت |
|
بي العين حزن في الفؤاد مقيم |
إذا رمت عنه الصبر أرجو ثوابه |
|
أبى الصّبر قلب بالحميم يهيم ، |
لعمرك إني يوم أدفن مهجتي |
|
وأرجع عنه صابرا لكظيم |
وإنّ فؤادي بعده لمفجّع |
|
وإنّ دموعي بعده لسجوم |
خططت له في التّرب بيت إقامة |
|
إلى الحشر فيه والنّشور مقيم |
وكان سرورا لم يدم لي وغبطة |
|
وأيّ سرور في الحياة يدوم |
وروحا وريحانا أتى دون شمّه |
|
من الدّهر يوم بالفراق عظيم |
على حين أمضيت الشّباب وقاربت |
|
خطاي قيود الشّيب حين أقوم |
__________________
(١) البيتان الثاني والثالث في الكامل للمبرد ٣ / ١٣٦٢ والأبيات في ديوانه ص ٤٣.
(٢) في الكامل : «ملمّة».
(٣) ديوانه ص ٥٦ ومختصر ابن منظور ٤ / ٢٩٣ وتهذيب ابن عساكر ٢ / ٤٣٩.