جاء في بعض الآثار أنه وقف على دم يحيى بن زكريا عليهالسلام بدمشق وهو يفور ، فقال : أيها الدم دم يحيى بن زكريا ، فتنت بنو إسرائيل والناس فيك فسكن الدّم ورسب حتى غاب (١). وسيأتي ذكر ذلك في ترجمة يحيى بن زكريا صلى الله عليهم أجمعين.
أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أنا أبو الحسن بن أبي الحديد ، أنا جدّي أبو بكر ، أنا محمد بن يوسف بن بشر ، أنا محمد بن حمّاد ، أنا عبد الرّزّاق ، أنا عبد الصمد بن معقل أنه سمع وهب بن منبّه يقول : إن إرميا لما خرب بيت المقدس وحرق الكتب ، وقف في ناحية الجبل فقال : أنّى يحيى الله هذه بعد موتها فأماته الله مائة عام ، ثم رد الله روحه على رأس سبعين سنة حين أماته الله فعمروها ثلاثين سنة تمام المائة ، فلما تمّت المائة رد الله تعالى روحه وقد عمرت على حالها الأول ، فجعل ينظر إلى العظام كيف يلتئم بعضها إلى بعض ، ثم نظر إلى العظام تكسى عصبا ولحما ، فلما تبين له قال : أعلم أن الله على كل شيء قدير ، فقال : انظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه قال : وكان طعامه تينا (٢) في مكتل ، وقلّة فيها ماء. ثم سلط الله عليهم الوصب (٣) فلما أراد الله أن يردّ عليهم التابوت أوحى إلى نبي من أنبيائهم إمّا دانيال وإمّا غيره : إن كنتم تريدون أن يرفع عنكم المرض فاخرجوا عنكم هذه التابوت ، قالوا : بآية ما ذا؟ قال : بآية أنكم تأتون ببقرتين صعبتين لم يعملا قد (٤) قط ، فإذا نظرتا إليهما وضعتا أعناقهما للنير حتى يشدّ عليهما ، ثم يشدّ التابوت على عجل ، ثم يعلّق على البقرتين ، ثم يخلّيان ، فيسيران حيث يريد الله تبارك وتعالى أن يبلغهما ، ففعلوا ذلك ووكل الله تبارك وتعالى أربعة من الملائكة يسوقونهما فسارت البقرتان حتى إذا بلغتا القدس كسرتا نيرهما فذهبتا ، فنزل إليهما داود ومن معه ، فلما رأى داود التابوت حجل إليها فرحا بها.
قال عبد الصمد : فقلنا لوهب : ما حجل إليها؟ قال : شبيه بالرقص (٥) ، فقالت له
__________________
(١) الخبر في البداية والنهاية ٢ / ٤١ نقلا عن ابن عساكر.
(٢) بدون نقط بالأصل وفي م : تيتا ، والمثبت عن تهذيب ابن عساكر ٢ / ٣٨٤.
(٣) الوصب : المرض (القاموس).
(٤) كذا بالأصل ، وليست في م.
(٥) حجل المقيد يحجل ويحجل حجلا وحجلانا رفع رجلا تريث في مشيه على رجله (القاموس).