امرأته : لقد خففت حتى كاد الناس أن يمقتوك لما صنعت فقال : أتبطئيني عن طاعة ربي تعالى؟ لا تكون لي زوجة أبدا بعدها ، ففارقها.
أخبرنا أبو الحسين بن الفراء وأبو غالب وأبو عبد الله ابنا البنا ، قالوا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا أحمد بن سليمان ، نا الزّبير بن بكار قال : وحدثني علي بن المغيرة : أن بخت نصّر لما أمر بغزو بلاد الروم وإدخال الجنود عليهم فيها وقتل مقاتلتهم لانتهاكهم معاصي الله ، واستحلالهم محارمه ، وقتلهم أنبياءه ، وردّهم رسالاته أمر إرميا بن حلقيا وكان نبي بني إسرائيل ، فيما ذكر لنا في ذلك الزمان ـ أن ائت معدّ بن عدنان الذي من ولده محمد خاتم النبيين ، فأخرجه عن بلاده ، واحمله معك إلى الشام ، وتولّ أمره قبلك قال : ويقال بل حمل عدنان قال : وقال ناس : حمله بورح بن تاربا كاتب إرميا بن حلقيا ، ويقال كان بحرّان الجزيرة.
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ـ قراءة ـ أنا رشا بن نظيف ، أنا الحسن بن إسماعيل ، أنا أحمد بن مروان ، نا محمد بن أحمد ، نا عبد المنعم ، عن أبيه ، عن وهب بن منبّه قال (١) : أوحى الله إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل يقال له إرميا حين ظهرت فيهم المعاصي : أن قم بين ظهراني قومك فأخبرهم أن لهم قلوبا ولا يفقهون ، وأعينا ولا يبصرون ، وآذانا ولا يسمعون ، وإني تذكرت صلاح آبائهم فعطفني ذلك على أبنائهم فسلهم كيف وجدوا غب طاعتي ، وهل سعد أحد ممن عصاني بمعصيتي ، وهل شقي أحد ممن أطاعني بطاعتي؟ إن الدوابّ تذكر أوطانها فتنزع إليها ، وإن هؤلاء القوم تركوا الأمر الذي أكرمت عليه آباءهم والتمسوا الكرامة من غير وجهها ، أما خيارهم (٢) فأنكروا حقي ، وأما قراؤهم فعبدوا غيري ، وأما نساكهم فلم ينتفعوا بما علموا ، وأما ولاتهم فكذّبوا عليّ وعلى رسلي ، خزنوا (٣) المكر في قلوبهم وعوّدوا الكذب ألسنتهم ، وإني أقسم بجلالي وعزتي لأهيجنّ عليهم جيولا لا يفقهون ألسنتهم ، ولا يعرفون وجوههم ، ولا يرحمون بكاءهم ، ولأبعثنّ فيهم ملكا جبارا قاسيا له عساكر كقطع السحاب ،
__________________
(١) الخبر في تاريخ الطبري ١ / ٥٤٨ وما بعدها ، والبداية والنهاية ٢ / ٤١ ـ ٤٢.
(٢) الطبري وابن كثير : أحبارهم.
(٣) عن البداية والنهاية ، وبالأصل «حزبوا».