وهل لعيسى من أب؟ فبعثني إليه وقال : لا تخبره ، قال : فأتيته وعنده ديك ودجاجة هنديان فقلت : أجب أباك أمير المؤمنين قال : وما يريد مني؟ قلت : نهاني أن أخبرك ، لا أدري ، قال : فإني أعطيك الديك والدجاجة على أن تخبرني قال : فاشترطت عليه أن لا يخبر عمر ، فأخبرته ، فأعطاني الديك والدجاجة ، فلما جئت إلى عمر قال : أخبرته؟ فو الله ، ما استطعت أن أقول لا ، فقلت : نعم ، قال : أرشاك؟ قلت : نعم ، قال : وما رشاك؟ قلت : ديكا ودجاجة ، فقبض على يدي بيساره وجعل يمصعني بالدرة وجعلت أنزو. فقال : إنك لجليد. ثم قال : أتكتني بأبي عيسى ، وهل لعيسى من أب؟ كذا قال ، والصواب عبيد الله (١).
أخبرنا أبو القاسم عبد الملك بن عثمان بن أبي منصور ، وأبو العلاء صاعد بن عبد الوهاب بن عبد الصمد بن موسى ، قالا : أنا أحمد بن علي بن عبد الله بن خلف (٢) ، أنا عبد الله بن محمد بن عبد الله الشيرازي ، نا عمر بن يحيى الأردبيلي ، نا عبد الله بن القاسم ، نا عمرو بن الحسن بن نصر ، نا محمد بن أبي سكينة ، نا ابن أبي روّاد ، عن أبيه ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه قال : ذكرت حديثا رواه ابن عمر عن النبي صلىاللهعليهوسلم : «ما حقّ امرئ مسلم يبيت ثلاث ليال إلّا ووصيته مكتوبة عند رأسه» [٢٢٢٥].
قال : فدعوت بدواة وقرطاس لأكتب وصيّتي؟ وغلبني النّوم فنمت ولم أكتبها ، فبينا أنا نائم إذ دخل داخل أبيض الثياب ، حسن الوجه ، طيّب الرائحة؟ فقلت : يا هذا من أدخلك داري؟ قال : أدخلنيها ربّها ؛ قال : فقلت : من أنت؟ قال : ملك الموت ، قال : فرعبت منه ، فقال : لا ترع ، إني لم أؤمر بقبض روحك ؛ قال : قلت : فاكتب لي إذا براءة من النار ، قال : هات دواة وقرطاسا ، فمددت يدي إلى الدواة والقرطاس الذي نمت عنه وهو عند رأسي فناولته ، فكتب : بسم الله الرّحمن الرّحيم ، أستغفر الله ، استغفر الله ، حتى ملأ ظهر الكاغد وبطنه ، ثم ناولنيه ، فقال : هذا براءتك رحمك الله.
وانتبهت فزعا ودعوت بالسّراج ونظرت ، فإذا القرطاس الذي نمت وهو عند رأسي مكتوب ظهره وبطنه : أستغفر الله.
__________________
(١) الخبر في سير أعلام النبلاء ٤ / ٩٩ ـ ١٠٠.
(٢) ترجمته في سير الأعلام ١٨ / ٤٧٨.