على الله الفرية ، فتزعم أن الله معطل أرضه ومساجده من كتابه وعبادته وتوحيده ، فمن يعبده حتى لا يبقى له في الأرض عابد ولا مسجد ولا كتاب؟ لقد أعظمت على الله الفرية ، قال ابن سندي : وسقط من كتابي كلام هو : ولقد اعتراك الجنون فأخذوه وقيّدوه وسجنوه ، فعند ذلك بعث الله عليهم بخت نصّر ، فأقبل يسير بجنوده حتى نزل بساحتهم ثم حاصرهم فكان كما قال الله تعالى : (فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ)(١).
قال : فلمّا طال بهم الحصر ، نزلوا على حكمه ففتحوا الأبواب فتخللوا الأزقّة ، فذلك قوله تعالى : (فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ) وحكم فيهم حكم الجاهلية ، وبطش الجبارين ، فقتل منهم الثلث ، وسبى الثلث وترك الزمنى (٢) والشيوخ والعجائز ، ثم وطئهم بالخيل وهدم بيت المقدس وساق الصبيان ، وأوقف النساء في الأسواق محسرات ، وقتل المقاتلة ، وخرّب الحصون ، وهدم المساجد وحرّق التوراة ، وسأل عن دانيال الذي كان كتب له الكتاب فوجده قد مات ، وأخرج أهل بيته الكتاب إليه ، وكان فيهم دانيال بن حزقيل الأصغر ، وبنشائيل ، وعزرائيل ، وميخائيل فأمضى لهم ذلك الكتاب ، وكان دانيال بن حزقيل خلفا من دانيال الأكبر.
ودخل بخت نصّر بجنوده بيت المقدس ووطئ الشام كلها وقتل بني إسرائيل حتى أفناهم ، فلما بلغ (٣) منها انصرف راجعا وحمل الأموال التي كانت بها وساق السبايا معه فبلغ عدة صبيانهم من أبناء الأحبار والملوك تسعين (٤) ألف غلام ، وقذف الكناسات في بيت المقدس وذبح فيه الخنازير فكان الغلمان سبعة آلاف غلام من بيت داود ، وأحد (٥) عشر ألفا من سبط يوسف بن يعقوب وأخيه ابن يامين وثمانية آلاف من سبط أشر (٦) بن يعقوب ، وأربعة عشر ألفا من سبط زبالون ونفتالى (٧) بن يعقوب ، وأربعة عشر ألفا (٨)
__________________
(١) سورة الإسراء ، الآية : ٥.
(٢) الزمني : أصحاب العاهات.
(٣) في البداية والنهاية : فرغ.
(٤) الطبري ١ / ٥٥٣ سبعين ألفا.
(٥) عن الطبري والبداية والنهاية ، وبالأصل «إحدى».
(٦) الأصل والبداية والنهاية «أيشى» والمثبت عن الطبري.
(٧) كذا ، وفي البداية والنهاية : ابني.
(٨) بالأصل «ألف».