فأقسم ما أدنيت كفّي لريبة |
|
ولا حملتني نحو فاحشة رجلي |
ولا قادني سمعي ولا بصري لها |
|
ولا ذلّني (١) رأي عليها ولا عقلي |
وأعلم أنّي لم تصبني مصيبة |
|
من الدّهر إلّا قد أصابت فتى قبلي |
فسمع الرشيد أحسن غناء من أحسن صوت وقال : الرّمح يا غلام ، فجيء بالرمح ، فعقد له لواء على إمارة مصر.
قال إسماعيل : فوليتها ستّ سنين أوسعتهم عدلا ، وانصرفت بخمس مائة ألف دينار.
قال : وبلغت عبد الملك أخاه ولايته فقال : غنّى ـ والله ـ الخبيث لهم ، ليس هو لصالح بابن.
وقد وقفت هذه الحكاية إليّ عن الصولي من وجه آخر فيها زيادة ألفاظ.
قرأتها بخط رشأ بن نظيف وأنبأنيها أبو القاسم النسيب وأبو الوحش المقرئ عن رشأ ، نا أبو أحمد عبيد الله بن محمد بن أحمد الفرضي ، نا أبو بكر محمد بن يحيى بن عبد الله ، أنا أحمد بن محمد الطّالقاني ، نا فضل اليزيدي ، عن محمد بن إسماعيل بن صبيح ، قال : قال الرشيد للفضل بن يحيى وهو بالرّقّة : قد قدم إسماعيل بن صالح ، وأنا أريد أن أراه وهو صديقك فقال له : إن عبد الملك أخاه في حبسك قد نهاه أن يجيئك قال : فإني أتعلّل حتى يجيئني عائدا.
فقال الفضل لإسماعيل : ألا تعود أمير المؤمنين؟ قال : بلى ، فمضى إليه وقد كان أخوه عبد الملك وجّه إليه : إنما يريدونك لأمر ، وإن فعلت فما أنت أخي ولا ترث صالحا.
فلما دخل إسماعيل على الرشيد رفعه وحادثه وقال قد وجدت راحة برؤيتك واشتهيت الطعام ، فجاءوا بالمائدة فأكل وحلف على إسماعيل ليأكلنّ فأكل ووصف الخبيث للرشيد أن يشرب قدحا فقال : والله لا شربت أو يشرب إسماعيل ، فقال له : اتق الله يا سيدي قال : لا بدّ والله من شربك ، فشرب ثلاثة أقداح وسقاه مثلها ، ثم مد ستارة وأخرج بعض الجواري خلفها وبعضا بين يديه فغنّين ، فطرب إسماعيل ، ثم أخذ الرشيد
__________________
(١) الجليس الصالح : دلني رأيي.