العود فوضعه في حجر إسماعيل. قال : وفي يده سبحة فيها عشر درّات اشتراها بثلاثين ألف دينار ، فوضع السّبحة في عنق العود ، قال : غنّني يا إسماعيل وكفّر عن يمينك بثمن هذه السّبحة ، فاندفع إسماعيل يغنّي بشعر الوليد بن يزيد في عالية أخت عمر بن عبد العزيز ـ وكانت تحته ـ وهي التي ينسب إليها سوق عالية بدمشق :
فأقسم ما أدنيت كفّي لريبة |
|
ولا حملتني نحو فاحشة رجلي |
ولا قادني سمعي ولا بصري لها |
|
ولا دلّني رأي عليها ولا عقلي |
وأعلم أنّي لم تصبني مصيبة |
|
من الدّهر إلّا قد أصابت فتى قبلي |
فطرب الرشيد وقال : الرمح يا غلام ، فجيء بالرمح فعقد له لواء على مصر.
قال إسماعيل : فوليتها سنين أوسعتهم عدلا. وانصرفت بخمس مائة ألف دينار.
قال : فبلغ عبد الملك أخاه حين ولّاه مصر فقال : إنّا لله ، غنّى والله لهم.
أخبرنا أبو العز بن كادش ـ فيما علي إسناده وناولني إياه وقال : اروه عني ـ أنا أبو علي الجازري ، أنا المعافي بن زكريا (١) ، نا أحمد بن العباس العسكري ، نا ابن أبي سعد ، حدّثني عمر بن محمد بن حمزة الكوفي ، حدّثني سليمان بن سعيد (٢) ، حدّثني إسماعيل بن صالح بن علي بن عبد الله وكان انقطاعه إلى الرشيد قال : دخلت على الرشيد وقد عهد إلى محمد والمأمون فيمن يهنّئه من ولد صالح بن علي فأنشأت أقول (٣) :
يا أيها الملك الذي |
|
لو كان نجما كان سعدا |
اعقد لقاسم بيعة |
|
واقدح له في الملك زندا |
الله فرد واحد |
|
فاجعل ولاة العهد فردا |
قال : فاستضحك هارون. وبعثت إليّ أم جعفر : كيف تحبّنا وأنت شآم؟ وبعثت إليّ أم المأمون : كيف تحبّنا وأنت أخو عبد الملك بن صالح؟ وبعثت إليّ أم القاسم بعشرة آلاف درهم ، فاشتريت بها ضيعتي بأرتاح (٤).
__________________
(١) الجليس الصالح الكافي ج ٣ / ١٣ ـ ١٤ وبغية الطلب ٤ / ١٦٥٢ والوافي بالوفيات ٩ / ١٢٢.
(٢) الجليس الصالح : سعد.
(٣) الأبيات في المصادر السابقة الثلاثة.
(٤) أرتاح : اسم حصن منيع ، كان من أعمال حلب (ياقوت).